حدث بالفعل …
فوزى خطاب
حدث بالفعل
أعبرُ الشارع مُترجلاً علي عَجْلِ إلي ماركت في الجهةٍ المُقابلة، تَعودتُ أن أُحضر مِنه بعضُ حاجِيّاتي كل مَساء، وأتعرف علي ما فاتني من أخبار حيّنا الهادئ، حال غيابي، من حديث صاحبه الودُود والذي تَعود بدورهِ علي مروُري عليهِ آخرُ الليل، وما أن وضعتُ أول قدمِ علي رصيف الشارع إلا وصوت إطارات سيارة خاصة قادمة بسرعة هائلة تلتصق بالأرض في محاولة فاشلة لتفادي صدام ما،،ومحدثة صوتا مدويا، هائلا، ساهمت في سريانه هدئة الليل، وقف علي إثره كل الجالسين علي المقهي المُجاور مشدوهين مأخوذين، وتَوقَفتْ معه أنفاسُ المَارة القليليِن المُتواجدين في تِلك اللحظة، خشية أن يكون هذا الصِدام الحَتميّ قد خلف جريحا، أو قتيلا، وما لبث الجميع أن عاد إلي ما كان عليه من لعبِ وضحك وقهقهات، بعدما تأكدوا أن شيئا من ذلك لم يكن، دون أن يلتفتَ أحد.ُ سُواي بحكم حدوثه أمامي وعلي بعد خطوات قليلة مِني أنّ هناك من يرقصُ رَقصتهُ الأخيرة، علي نصفه الأسفل في حركة دائرية، سريعة،متعاقبة، أشبه ما يكون براقصي الخَيّاميةِ في المَوالد الشعبية، ذلك القِطُ الذي خانته سُرعته في العبور، أو غدرت به آلة البشر، التي لاترحم، أو هزء بحياته شاب غِرُ عن عمد،، لأشهد بذلك حالة خروج روح إلي خالقها، مُخلفة ورائها جثة هامدة، في عَرض الطريق، ونَسيتُ ما أنا ذاهبُ إليه وراغبُ فِيه، ووقفت أتأملُ تلك اللحظة الفارقة بين الحياةِ والموت، وذاك الإنتقالُ السريع من عالم إلي عالم، من سعى، ونشاط، وحركة عارمة، إلي سكون تام، وإسلام نفس، وخلود أبدى، وما كدتُ التفتُ مُسلماً لله أمري، ومحوقلاً مَراتِ ومرات، حتي سَمعتُ صوت مُواء قط آخر، ما زال علي قيد الحياة، لا أعرف أَحضرْ لتوّهٍ أم كان رفيقاً لصاحبه، مُواءُُ صاخبُ لا يتوقف،أشبه بالعويل، يملئ المكان وكأنهُ شُرطي أو رَجُل نجدةٍ يحمل صَافِرةَ إنذار تم شحنها حديثاً، يشير للجميع بِمُواءِه أن يتوقف!! وللسيارات القادمة أن تنتظر، حتي يفرغ مما جاءَ من أجله، وأخذ يحمل رَفيق دَربه وأحد أبناء جِلدته من خلف رَقبتهِ في رفق، ولين، وكأنه يهدد مولوداً صغيراً، ليُنحِيه عن وسط الطريق، حتي لا تدوسه، أقدام البشرالتي لا ترحم…
. فوزي خطاب.
التعليقات مغلقة.