حديث مستفيض عن المصادر التي تعمل عمل أفعالها بقلم د.وجيهة السطل
كثيرًا ما أسمع المصدر عاملًا في غير موضعه ، في نشرات الأخبار، وفي أحاديث المثقفين وكتاباتهم. وذلك جهلًا منهم بمعرفة الصواب.. وأرجو أن يكون في وقفتي هذه الفائدة لمن أراد أن يعرف الحكاية. .
[[مذهب البصريين أن المصدر يعمل عمل الفعل لا لشبهه به ، بل لأنه أصله. ويقول الكوفيون إن الفعل هو الأصل، والمصدر فرع منه. وعلى هذا الخلاف بين المدرستين ، فقد اتفق علماؤهما على مايلي:
أولًا :شروط عمل المصدر :
يُشترَط في المصدر العامل عمل فعله شروط ثلاثة:
١- ألا يكون مصغَّرًا. فلا يجوز أن نقول : آلمني (هُجَيرك) والدتك .بل ينبغي أن تقول : آلمني هجرُك والدتك.
٢ـ وألا يكون ضميرًا .فلا يجوز أن نقول : احترامي محمدًا واجب و(هو) غيرُ واجب أخاه.
٣ ـ وألا يكون مصدر مرة،فلا يجوز أن نقول : سرتني (ضربتك) العدو .
ولكن يجوز في المصدر المبين للهيئة أن يعمل عمل الفعل .
نحو : كتبت الرسالة كتابة المحبين رسائلَهم .
” فرسائل ” مفعول به للمصدر كتابة مع أنه مبين لهيئة الفعل بإضافته للمحبين.
٤- ألا يكون موصوفًا قبل العمل ، فلا يجوز أن نقول : نقاشُك الحادُ أخاك مرفوضٌ . لأن المصدر وُصِف .
٥- ألا يكون مفصولًا عن معموله بأجنبي ، فلا يجوز أن نقول : أراضٍ لقاؤك (مرتين) محمًَدًا.
٦ـ ألا يتأخر المصدر عن معموله ، فلا يجوز أن نقول : آلمني عليًّا معاقبة خالدٍ .
وتجاوزوا في أن يتقدم معمول المصدر ظرفًا أو جارًّا ومجرورًا .
نحو : سرَّني مساءً حضورُك الاجتماعَ .
وأعجبني في الحديث ردُّك غيبة أخيك.
٧ ـ وألا يكون غير مفرد – مثنى أو جمع –
٨ – ولا خاليًا من الحدث .أي يحمل معناه فقط دون الحدث. نحو :
- كان الجاحظ حسن التأليف ، جميل التصوير .( التأليف، التصوير ) مصادر غير عاملة.
٩ ـ وليس مصدرًا مؤكدًا للفعل، فلا يصح في قولنا : عاقبتُ معاقبةً مهملَ الواجب. فلا يصح أن نعرب مهمل مفعولا
به ،للمصدر معاقبة ، بل هو مفعول به للفعل عاقب .
١٠- لا يعمل المصدر المبين للعدد عمل الفعل ، فلا يصح أن نقول : كافأت مكافأتين الفائز . ” فالفائز ” مفعول به للفعل لا للمصدر .
ثانيًا:صور عمل المصدر :
يعمل المصدر عمل فعله في صور ثلاث مرتبة حسب كثرة ورودها عاملة في التراكيب اللغوية .
أ – أن يكون مضافًا إلى فاعله أو مفعوله.
ب – أن يكون نكرة، مجردًا من (أل) والإضافة .
ج- أن يكون معرَّفًا ب(أل).
أ – المصدر العامل المضاف. وهو أكثر حالات المصدر ورودًا :
١ ـ أن يضاف إلى فاعله اسمًا ظاهرًا أو ضميرًا متصلًا. ثم يأتي مفعوله ، نحو قوله تعالى : { ولولا دفعُ الله الناسَ بعضَهم ببعض لفسدت الأرض } البقرة/٢٥١ .
٢ ـ أن يضاف إلى مفعوله ثم يأتي فاعله ، وهو قليل ، ومنه قوله تعالى : { ولله على الناس حجُ البيتِ من استطاع إليه سبيلاً } آل عمران /٩٧.
من: اسم موصول في محل رفع فاعل للمصدر حج.
ومثلها : معاقبة المهملِ المعلمُ أمر بدهيّ.
فإذا لم يصح معنىً أن يكون المضاف إليه فاعلًا أو مفعولًا به ، فالمصدر غير عامل.
عليكم إرسال رسالةٍ بإنهاء الموضوع .
المصدر إرسال غير عامل.أما في هذه الأمثلة فالمصادر كلها عاملة.
-يعجبني إنشادُ أخيك الأشعارَ.
فالمضاف إليه يصح أن يكون فاعلًا لفعل المصدر:
أنشد أخوك الأشعارَ.أو مفعولًا به لفعل المصدر:
يعجبني إنشادُ الأشعارِ أخوك ، بإضافة المصدر إلى المفعول به.
ينشد الأشعارَ أخوك.
- ينبغي إعطاءُ العملِ حقَّه. وهنا حذف الفاعل.
الكاف في (إعطاؤك) وأضيف المصدر إلى المفعول به الأول، ونصب الثاني (حقَّه).
- تعليمُكَ أبناءَك العملَ بإخلاصٍ، يعود بالنفع على الوطن . أضيف المصدر إلى فاعله، ضميرًا متصلًا (الكاف) ونصب مفعولين أبناءَك و العملَ …
ب – المصدر المنون. وهو المجرد من (أل) والإضافة ،ويعمل:
١-منصوبًا إذا كان مفعولًا مطلقًا نائبًا عن فعله للأمر أو الدعاء أو التأنيب أو التهكم.
-إنصافًا المظلومَ.
- هنيئًا لك. وسحقًا للكافرين .
- ألهوًا والامتحان غدًا؟
٢- و مرفوعًا إذا كان يفيد النشر بعد اللف بلاغيًّا.نحو قوله تعالى: – {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (١٢)فَكُّ رَقَبَةٍ (١٣) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (١٤)يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (١٥) أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (١٦)}سورة البلد.
يتيمًا:مفعول به للمصدر إطعام.
- وقوله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ۖ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ..}من الآية : ٢٢٩من سورة البقرة .
وشٍبْهٰ الجملة في الآية ( بمعروف ، بإحسان )الجار والمجرور متعلقان بالمصدرين العاملين إمساك وتسريح على التوالي. وهذا إعمال له. - قد يضاف المصدر إلى الظرف ، فيرفع وينصب كالمنوَّن . نحو : سرني إعطاء يومِ الخميس المواطنين إجازةً .
ف(المواطنين) مفعول به أول للمصدر إعطاء ، و(إجازة) مفعول به ثانٍ .
ويشترط لهاتين الحالتين (المصدر المضاف والمصدر المنون)
أن يصح إحلال المصدر المؤول ( أن أو ما المصدريتين، ومضارع المصدر بعدهما أو ماضيه) مكان المصدر الصريح ،فإذا استقام المعنى فالمصدر عامل، وإلا فلا .
ج- المصدر العامل المعرف (بأل) : وهو أقل حالات المصدر عملًا، لبعده من مشابهة الفعل بدخول (أل) عليه .ويعمل بلا شروط ، سوى شرط الدلالة على الحدث .
نحو : - أنت دائمُ الإكرامِ ضيوفَك.
ضيوفك: مفعول به للمصدر إكرام. - نحن نحب الإسراع في نجدة
المستغيث .شبه الجملة تعلق بالمصدر.
ثالثًا – يعمل اسم المصدر والمصدر الميمي عمل المصدر في جميع أحواله وبشروطه السابقة .
أمثلة على أسماء المصادر : أنبت إنباتًا ونباتًا ، وأثنى إثناءً وثناءً . وأعطى إعطاءً وعطاءً. .
عاشر معاشرة وعِشرة.
** أمثلة على عمل اسم المصدر :
قول الشاعر :
بعشرتِكَ الكرامَ تعدُّ منهم
فلا تُريَنْ لغيرهم أَلوفا
وقول آخر:
أكفرًا بعد ردٍّ الموت عني
وبعد عطائك المئةَ الرِّتاعا
الكرام مفعول به لاسم المصدر عشرة. والمئة مفعول به أول لاسم المصدر عطاء.
** أمثلة على عمل المصدر الميمي :
- أعجبني ملتقى أخيك المتخاصمين للإصلاح بينهم .
- منفعتك الناسَ في الدنيا تُردُّ لك حسناتٍ يوم القيامة .
رابعًا – إعراب تابع معمول المصدر المضاف :
المضاف إلى المصدر العامل إما أن يكون فاعلًا في الأصل، فمحله الرفع ، أو يكون مفعولًا به فمحله النصب . لذلك إذا أتبعت المعمول بوصف جاز فيه الجر مراعاة للفظ المتبوع والرفع مراعاة للمحل إذا كان المعمول فاعلاً .
مَنْحُ المعلمِ ومديرِ (ومديرُ) المدرسة المتفوق جائزة يشجعه على التفوق دائمًا .
والنصب إذا كان مفعولًا به.
سرني حِفْظُ القرآنِ والأحاديثِ( والأحاديثَ)ابنُك.
تحياتي للجميع..
أعتذر لطول الحديث
وشكرًا جزيلًا للمتابعة
التعليقات مغلقة.