حديث مع جدى سقنن رع
د.أحمد دبيان
وولجت إلى غرفة المومياوات ، وبجانبى ابنة شقيقتى .
مومياء ملفوفة على عجل ذراعها الأيسر مكسور والوجنة والجبهة بها آثار بلط .
وقد ارتسمت على الفم تقلص أظهر الأسنان كلها ينبئ بألم شديد لحظة الوفاة .
سألتنى لماذا هناك آثار لكسور على الجبهة وهل كانوا يفرغون المخ بهذه الطريقة ؟!!
أجبتها بلا ، فقد كان افراغ الجمجمة يتم عن طريق الأنف فيما تطور لاحقا ليصبح طريقة لاستئصال أورام الغدة النخامية فى جراحات المخ والأعصاب .
دققت فى المومياء ، قلت لنفسى انا أعرف هذه الملامح ، هذا النبل فى القسمات وهذه الملامح لكبرياء محفور على الوجه .
هذه الإرادة التى رفضت تهديدات المستعمر القديم ورفضت عبثه بالإرادة والمقدسات رغم فارق القوة .
بدأ الوجه يتجسد أمامى وهو يستقبل رسل ابو فيس العابث بالهوية والمقدسات المتحدث بلغة القوة الغاشمة .
رأيته وهو يستقبل رسل الهكسوس المرتدين الجلود الزائفة للهوية المصرية بلحاهم القدرة و المقدمين لعبادة ست كنقيض لاوزيريس وحورس وايزيس
رأيت كبيرهم وهو يقرأ رسالة أبو فيس وتحيته الماكرة المتغطرسة لحاكم طيبة سائلاً اياه ان يحقق الرغبة الملكية المقدسة لفرعون الإغتصاب وهويات الزنا بأن يذبح افراس النهر المقدسة التى حملت يوماً اشلاء اوزيريس لتمنحها لايزيس فى مهمتها المقدسة لتمنح الجسد الذى مثل به ست تذكرة العبور للعالم الأخروى .
رأيته والتفكير يعتصره لعلمه بأن الخضوع معناه ضياع الكرامة والوعى والهوية ، ليطلب مهلة للتفكير والمشاورة وليعود مرتدياً تاج مصر الحرة المستقلة الموحدة رافضاً الإنذار معلناً الكفاح واعلان ارادة الوعى والهوية والمقاومة .
رأيته فى ميدان القتال وهو يحارب العجلات الحربية وحملة السهام يصرعون جحافل الهكسوس ، رغم فارق العدد والقوة .
رأيت الرعاة ذوى البشرة البيضاء وهم يحيطون بعجلته الحربية لتتعاوره البلط فتهشم الجمجمة والوجنة اليسرى والذراع.
رأيت جولة هزيمة كانت التمهيد لنصر مؤجل أعلت روح النضال والهوية والمقاومة رافضة الخضوع المزلزل الذى يحمل فى طياته الهزيمة والتفكك .
هتفت بها انه جدنا سقنن رع الذى حارب رغم فارق القوة دون ان يركن لدعة المنافقين تحت زعم آخر الحروب والسلام الذى يحمل طعم الإستسلام .
حاولت تصوير مومياء الجد العظيم الذى ألهمنا النضال فقاد ابناؤه حرب الكفاح والتحرير ليزيلوا أدران مائتى عام من الخضوع المذل وليحرروا الوادى من تجريفه الرعوى الأول .
ليأتى صوت مسئول الأمن هاتفاً :
ممنوع الشرح والتصوير.
التعليقات مغلقة.