موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

حقيقة العبادة عند محي الدين بن عربي عرض وتحليل / حاتم السيد مصيلحي

467

حقيقة العبادة عند محي الدين بن عربي عرض تأليف: د. كرم أمين أبو كرم

عرض وتحليل : حاتم السيد مصيلحي

العبادة هي سر الأسرار، وغاية الغايات، ومفتاح المقامات، وهبة الأحوال.. من عرف شريعتها، وتذوق حقيقتها.. سلك طريق الأولياء، ورزق دعاء الأنبياء، ونال جزاء الشهداء، فهي الغاية التي من أجلها خلق الله تعالى الإنسان وكرمه واستخلفه على الأرض، حيث قال تعالى : ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون).

فمن العباد من ذابت نفسه في حب الله، وفاضت عينه تضرعا وخشية، فكانت الصلاة له نورا، والصدقة خير برهان على طيب نفسه، والصبر ضياء يستضئ به وقت الشدائد ملتمسا قول الله تعالى: ( استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين) وما أصدق الحديث وأعذبه حينما نسمع من مجرب، ونأخذ عن عالم متعبد بعلمه، وخاصة إن كان هذا هو الشيخ الأكبر درة التصوف، وخاتم الولاية المحمدية كما يقول عن نفسه ” محي الدين بن عربي” والذي قام بدراسته، ودراسة حقيقة العبادة عنده الدكتور كرم أمين أبو كرم ” رحمه الله” وقد قسم الباحث دراسته إلى شقين :

الشق الأول : درس فيه حياة الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي، وسيرته التي امتدت من عام ٥٦٠ وحتى ٦٣٨ من الهجرة، ثم عرض لمذهبه الفلسفي، وركز على ظهور فكرة الحلول عند الصوفية، وقد اختلف مع الدكتور كامل الشيبي الذي يرى أن السابقة الأولى في عقائد المتصوفة في الحلول قد جاءت عن طريق تأثرهم بغلاة الشيعة، وينقد ذلك قائلا: إن أقوال الصوفية التي تشير إلى الحلول ليست نتيجة فكر وتعقل، بل هي نتيجة الفناء والغيبة، ومن ثم يشطحون عند التعبير عن مشاهداتهم بسبب غلبة الوجد عليهم.

ومن أبرز من اتهم بالقول بالحلول هو الحسين بن منصور الحلاج المقتول سنة ٣٠٩ من الهجرة، ومن الأقوال التي تظهر مذهب الحلاج في الحلول:

أنا من أهوى ومن أهوى أنا

نحن روحان حللنا بدنا

فإذا أبصرتني أبصرته

وإذا أبصرته أبصرتنا

ويلمح الباحث مرتبتين من الحلول الروحي عند الحلاج : إحداها : تجلى الألوهية والحلول في الإنسان العارف بالأسرار.

وثانيهما: صعود الإنسان المحب، والحلول معنويا في محبوبه أي الحياة في الله، وهذه المرتبة تشير إلى حال الفناء في المحبوب.

و الحلاج نفسه ينفي إمكانية الامتزاج بين الخالق والمخلوق، فيقول : ” من ظن أن الإلهية تمتزج بالبشرية، والبشرية تمتزج بالإلهية فقد كفر، فإن الله تعالى تفرد بذاته وصفاته عن ذوات الخلق وصفاتهم”

أما ابن عربي فلم يقبل مقولة “الحلول” ورفضها حيث يرى أنه كما تتجلى الشمس بنورها على القمر بدون حلول فيه، كذلك العبد ليس فيه من خالقه شئ، ولا حل فيه، وإنما هي مجلي له خاصة، ومظهر له.

وينبه الباحث إلى أن مبدأ الحلول المادي أو الحسي بين الخالق والمخلوق مرفوض عند ابن عربي، حيث يقول : ” ومن قال بالحلول فهو معلول،وهو مرض لا دواء لدائه”.

ثم ينتقل إلى مسألة ” الاتحاد”، مبينا المعنى الحقيقي للاتحاد، وهو أن يصير موجودان أو أكثر موجودا واحدا، أي يمتزجان ويختلطان ليؤلفا كلا واحدا متصل الأجزاء، والاتحاد بالمعنى السابق مستحيل الحدوث، والذي يمكن وقوعه بالفعل هو” الاتحاد المجازي “.

ويرى الباحث أن الاتحاد لدى الصوفية” حال” يتذوقونه في هيامهم بالله، وليس اتحادا طبيعيا كما فهم الفقهاء، وأن كل مايحدث أن الوصل إلى مقام الجمع أو جمع الجمع أو عين الجمع، وحفظه الله يتحقق بأن الاتحاد عبارة عن غلبة نور الحق تعالي، ومن ثم يتلاشى نور العبد، وفي هذا القرب من الله أحيانا ينمحي العبد إثباتا للحق، ويصبح الواصل في حالة من عدم الشعور، لا يمكنه التعبير عنها، فيسلك مسلك المجاز، وتأتي أقواله في صورة شطحات تشير إلى الاتحاد الذي هو غير ممكن عقليا.. أما نظرة ابن عربي للاتحاد فهو ينفيه، ويحذر من القول به، ويعتبر القول به من رعونات النفس، وأن مهذب الأخلاق غير قائل بالاتحاد.

وعندما يقول ابن عربي بالاتحاد فإنه يقصد الحالات الآتية :

١- قبول الاتحاد في الأعداد والطبيعة، حيث إن التجربة والمشاهدة تثبت ذلك، ففي الأعداد يمكن جمع عددين، فيصير الناتج عددا ثالثا له دلالة مختلفة عن المتحدين كلا على حدة، وكذلك في الطبيعة يمكن الاتحاد بين عنصرين ماديين، فيعطيان ثالثا، له صفات ومميزات جديدة عن العنصرين المتحدين.

٢- يستعمل ابن عربي أحيانا الاتحاد بمعنى ” صحة النسبة” أي لا اتحاد حقيقي، ولكن هناك تمايز بين كل واحد عن الآخر.

٣- ويعطي ابن عربي الاتحاد كذلك معنى ” الالتباس” فهو عندما يتكلم عن بين العمرة والحج، يعرج على الاتحاد ليصف الاتحاد بالالتباس في الصفات، فيقول : ” وأكد ذلك الرسول – صلى الله عليه وسلم – بأن جعل للقارن طوافا واحدا، وهذا مقام الاتحاد.

ثم ينتقل إلى مذهب” وحدة الوجود ” وهو مذهب الذين يوحدون الله والعالم، ويزعمون أن كل شئ هو الله حيث تداول الباحثون لعبارة” وحدة الوجود ” على أنها غير واردة عند ابن عربي، وأن هذا المصطلح قد صاغه تلامذته ودارسوه عندما تناولوا الفكرة

ويستخلص الباحث من كتابات الشيخ الأكبر، أن الوجود الحقيقي واحد وهو الله، وإن كان هناك تكثر، ففي الأسماء والصفات؛ لتعطي لنا صورة وجودية متغيرة، ولكن في حقيقتها قديمة أزلية لا تتغير، وهذه الحقيقة الوجودية إذا نظرت إليها من حيث ذاتها قلت : هي” الحق” وإذا نظرت إلى مظاهرها قلت هي ” الخلق” من حيث إن الخلق لا حقيقة وجودية له؛ لأنه يستمد وجوده من الحق، فلا يتصف بالوجود إلا الله.

ويرى ابن عربي أن الله تعالى هو الظاهر في كل صورة ، والمتجلي في كل المظاهر ، فيقول: “… فهو المتجلي في كل وجه” بأسمائه وصفاته ، وهو الوجود الواحد ، والأشياء معدومة بنفسها ، فكما يجب وجوده – سبحانه – يجب عدم سواه ” وهنا يجتمع النقيضان:

انحصار الحق وتحدده بظهوره في المظاهر.

وجود الحق الخاص المتعال.

وبسبب قول ابن عربي بوجود الحق المتعال ، لايمكن أن نضعه ضمن ملاحدة وحدة الوجود ، بل يكون على قمة الموحدة ؛ لأنه يضيف الوجود كله لله .. ويتواصل الباحث إلى أن مذهب ابن عربي يقوم على نفي وجود الكثرة ، فالكثرة لديه مشهودة ومعقولة ، ولكن غير موجودة ، فهو يقول: “… الوجود كله خيال في خيال ، والموجود الحق إنما هو الله خاصة” ٠

كما تعرض الباحث لقضية الحقيقة المحمدية عند ابن عربي والتي قسمها إلى ثلاثة أقسام هي:

ناحية ميتافيزيقية

وناحية صوفية حيث هي “الحقيقة المحمدية”

وأخيرا الكلمة بمعنى الإنسان الكامل.

ثم ينتقل إلى نقطة أخرى في هذا الشق تحت عنوان “السلم الروحي” الذي يعرج به الصوفية بين مقام وحال إلى أن تترسخ أقدامهم ، وتثبت على عتبة الوصول حيث ثم الطريق الذي ينال بها الواصل ثلاثة أشكال من المعرفة وهي: الكشف ، والتجلي ، والمشاهدة.

وفي الشق الثاني: تحدث الباحث عن المعاني الصوفية لأركان الإسلام ، وجاء ترتيب التناول للأكل حسب النص الحديث النبوي ، ولم يأت الترتيب من فراغ ، بل هو ترتيب مقامي يتناسب مع طبيعة النفس الإنسانية ، وفقا لتدرج حكيم.

فالتوحيد جاء معبرا عن أول المقامات الذي يعد مفتاح الإسلام ومقام العصمة من جهة ، والتوبة من جهة أخرى.

يتيح ما انتقلنا إلى مقام الصلاة ، نجد أن الصلاة هي بمثابة الشيخ المهذب ، والمربي الذي يروض النفس على الإقبال على الطاعات ، والتعود على الاستغفار ، ويلفت الباحث أنظارنا إلى أن المريد ينظر إلى الصلاة على أنها تحوي كل معالم الطريق الصوفي بمقاماته كلها من البداية إلى الوصول .

أما مقام الزكاة ، فهو مقام ثالث من مقامات الترقي بالنفس الإنسانية ؛ لأن النفس الإنسانية جبلت على حب المال واكتنازه ، وقد تناول الصوفية أحكام وشروط الزكاة بالتفسير والرأي ، فنجد القشيري يقول بأن كل شئ له زكاة ، حتى الدار لها زكاة ، تقوم إلى حديث الرسول – صلى الله عليه وسلم – “لكل شئ زكاة ، وزكاة الدار بيت الضيافة “وقد ذكر ابن عربي باعثين للزكاة هما: – زكاة الظاهر: وهي مقيدة بالشرع ، وباعها الخوف من العذاب أو الطمع في الأجر والثواب.

زكاة الباطن: وباعثها إعطاء ما تستحقه الربوبية من امتثال أمرها ونهيها لارغبة في ثواب ، ولا رهبة من عقاب.

ويري ابن عربي أن المال هو سبب ظهور النفس وغلبة صفاتها ، ومادة قواها هواها ، فالشمال مادة الشهوات .. فينبغي للإنسان من أول حاله دواعي الشيطان.

أما مقام الصوم عند الصوفية ، في مختلف عن أهل الظاهر ، حيث إن الصوم عند الصوفية ، فيدخل ضمن آداب الطريقة مع السهر والصمت ، وهو ابن عربي الصوم من الرياضات والمجاهدات الصوفية ، إذ أنه يساعد على التخلص من سيطرة القوى الحيوانية وتسلطها على الإنسان لتستيقظ القوى النفسانية والروحانية .

أما المقام الأخير ، وهو مقام الحج ، فبعد قمة العبادات حيث يحدث سائر الأركان ، ويتحقق به الجهاد فقد احتوي في كل ركن من أركانه على معان ومضامين كثيرة يضيق المقام للإحاطة بها .. وقد تبلورت التجربة الروحية للحج عند الصوفية ، وأصبح المقصود بها التي تصل إلى الكعبة بالذات ، بل تستهدف مشاهد رب الكعبة عبر معراج روحي يحاول فيه السالك الوصول إلى القربة .. وقد استمر هذا المفهوم شائعا ، وهو الذي يقول عنه جارودي: “أما الحج فهو رمز لذلك الطريق الذي يختاره المتصوفة للوصول إلى مشيئة الله المطلقة ، والحج عند المتصوفة صورة عن المعراج “

وهكذا يمتزج الفقه بالتصوف ، وتتلاءم الشريعة مع

الحقيقة ، وتصبح العبادة بمثابة الطريق الذي يصل من

خلاله الصوفي إلى رحاب الأنوار الإلهية والإشراقات

العرفانية.

التعليقات مغلقة.