حكاوى دير السلطان وسد الخراب د.أحمد دبيان
حكاوى دير السلطان وسد الخراب د.أحمد دبيان
فى النصف الأخير من القرن السابع عشر إلتجأ الأحباش للكنيسة القبطية ليجدوا لهم مأوى مؤقت للإقامة لديهم إلى أن تحل مشكلتهم ويعودوا إلى أماكنهم التي انتقلت عام ١٦٤٥ إلى كنيستي الروم والأرمن بسبب عدم قدرة الكنيسة الأثيوبية على دفع الضرائب، فاستضافت الكنيسة القبطية الرهبان الأحباش كضيوف في بعض غرف دير السلطان بصفة مؤقتة .
تبدأ قصة دير السلطان، عندما زار صلاح الدين الأيوبي المدينة المقدسة أورشليم شخصياً، نزل في دار القسوس المجاور لكنيسة القيامة، ثم رأى أن يعوض القبط عما أصابهم من أضرار نتيجه لإشهاده لهم في بداية حكمه واضطهاد الفرنجة لهم باستيلائهم على ممتلكاتهم واعتبارهم هراطقة وعدم السماح لهم بزيارة الأراضي المقدسة طيلة احتلالهم لأورشليم، ولما كان يعمل معه كتبه من الأقباط.
وفي سائر الإدارات وخاصة بناء القلعة في مصر فمنحهم المكان الذي أصبح معروفاً باسم “دير السلطان” نسبة إليه. كما رد إليهم جميع ممتلكاتهم التي استولى عليها الفرنجة في الأماكن المقدسة، ولما كان الأقباط قد حرموا من زيارة الأماكن المقدسة فقام بإعفاء الأقباط من ضريبة الزيارة لأورشليم لإزالة المعاناة التي عانوها و راعى القبط.
في يوم ٢٥ ابريل ١٩٧٠، قامت القوات الإسرائيلية في عيد القيامة بإخراج الرهبان الأقباط وسلمته للأحباش، وكان هذا الحادث مخالفا للتعهد الذي تعهدت به إسرائيل بأن تبقي كل شيء كما هو في الأماكن المقدسة وتحترم أحكام الاستاتيسكو (الوضع الراهن) وتحافظ عليه دون تغيير “اضطر مطراننا في القدس إلى رفع دعوى أمام محكمة العدل العليا الإسرائيلية ضد الحكومة الإسرائيلية، وضد وزيري الشرطة والأديان وضد أسقف الأحباش , وقدم 25 صورة فوتوغرافية تثبت تبعية الدير للأقباط من واقع الكتابات القبطية والعربية على أحجبة الكنائس وما فيها من فن قبطي ـ وتمت المعاينة ,و أثبتت أحقيتنا.”
ورفع مطران القدس (المصري) دعوى أمام المحكمة العليا الإسرائيلية بالقدس فأصدرت حكما في ١٦مارس ١٩٧١ بالإدانة الصريحة للقوات الإسرائيلية، وأثبت الحكم الاعتداءات على رجال الدين الأقباط وحكمت المحكمة بإعادة الدير المغتصب ولكن الحكومة الإسرائيلية ماطلت ورفعت دعوى أمام المحكمة العليا بالقدس فحكمت هذه المحكمة العليا بالقدس أيضا بالإجماع في ٩ يناير ١٩٧٩ بأحقية الكنيسة المصرية في تسلم دير السلطان وكرر الحكم إدانة المحكمة لتصرفات الحكومة الإسرائيلية التي لم يسبق لها مثيل في تاريخ الأماكن المقدسة.
وفي عام ٢٠٠٢ تشاجر رهبان من الكنيسة الإثيوبية والكنيسة القبطية المصرية، اللتين تتنافسان منذ سنوات على السيطرة على سطح الكنيسة، بسبب مكان كرسي على السطح، ويرجع التنافس بين ستة طوائف مسيحية إلى فترة ما بعد الحملات الصليبية والانقسام الكبير بين المسيحية في الشرق والغرب في القرن الحادي عشر، ولمنع الخلافات تضطلع عائلتان مسلمتان بمسؤولية الحفاظ على مفتاح المدخل الوحيد للكنيسة منذ عام ١١٧٨ عندما اسند إليهم السلطان صلاح الدين هذه المهمة.
كما دارت معركة في كنيسة القبر المقدس رحاها بين مجموعتين من القساوسة المصريين والأثيوبيين واندلع الخلاف الذي تبادل خلاله الجانبان اللكمات والضربات بالعصي والقضبان الحديدية والكراسي، بعدما حرك أحد القساوسة التابعين للكنيسة القبطية كرسيه فوق سطح الكنيسة.
واعتبر القساوسة الإثيوبيون، أن هذه الخطوة تعتبر انتهاكا لاتفاق سابق يحدد ملكية كل طائفة من حجارة ومصابيح وحوائط الكنيسة ’ أسفرت هذه المعركة عن ١١ جريحا بينهم سبعة قساوسة أثيوبيين وأربعة مصريين.
الكنيسة ظلت موضع تنافس بين مختلف الطوائف المسيحية، وتتنافس الكنيستان المصرية والأثيوبية منذ عدة سنوات على سطح كنيسة القبر المقدس ودير السلطان وعندما احتج القساوسة الإثيوبيون على قيام قس مصري بنقل كرسيه من مكان إلى آخر حتى يتجنب الشمس بدأت المعركة بين الجانبيين.
في نوفمبر ١٨٥٠ م حاول الأحباش الاستيلاء على مفتاح دير السلطان ولكنه أعيد للأقباط بوثيقة رسمية من قبل الدولة العثمانية في عام ١٨٥١
– وفى عام ١٩٤٥ فى فترة الإنتداب البريطانى قام الأحباش بطلاء إحدى الغرف التى كانوا يقيمون فيها فأرسل محافظ القدس خطابا يؤكد فيه أن ذلك العمل لا يمكن إعتباره فى المستقبل قرينة تؤيد حق لهم فى دير السلطان ، ووجه صورة هذا الخطاب لمطران الأقباط آنذاك.
– فى فبراير ١٩٥٩ قام الأحباش بتضليل المتصرف الأردنى بالقدس وأقنعوه بأحقيتهم فى دير السلطان ومن ثم قامت الحكومة الأردنية بتسليم دير السلطان للأحباش بالقوة الجبرية فى مما إضطر قداسة البطريرك كيرلس السادس بإرسال وفد من المطارنة لمقابلة جلالة ملك الأردن وعرض الأمر على جلالته مدعوما بالمستندات والوثائق التى تثبت ملكية الكنيسة القبطية للدير فأصدر جلالته قرارا بوقف القرار السابق وتشكيل لجنة وزارية لدراسة المستندات والوثائق المقدمة ، وبناء عليه أصدرت اللجنة قرارا ببطلان وقف القرار الصادر وأكدت أحقية الأقباط فى ملكية الدير وضرورة إعادة الوضع إلى ما كان عليه بإرجاع مفاتيح الدير للكنيسة القبطية .
فى يوم ٢٥ ابريل عام ١٩٧٠ وأثناء لإقامة قداس عيد القيامة بكنيسة القيامة أرسلت الحكومة الإسرائيلية قوات عسكرية قامت بتمكين الرهبان الأحباش من دير السلطان بتغيير الكوالين وسلموا المفاتيح الجديدة للأثيوبيين ، وعندما علم الرهبان الأقباط بهذا هرعوا إلى دير السلطان لاستعادة ممتلكاتهم ، ولكن القوات الإسرائيلية منعت بالقوة دخول مطران الأقباط وكل من معه إلى دير السلطان .
وقد تقدم مطران الأقباط فورا بدعوى أمام المحكمة العليا الإسرائيلية والتى أقرت بالإجماع بإعادة مفاتيح الكنيستين وأبواب الممر لأيدي الأقباط وذلك بتاريخ ١٦ /٣/ ١٩٧١ إلا ان الحكومة الإسرائيلية ما زالت تمتنع عن تنفيذ حكم المحكمة العليا الإسرائيلية إلى يومنا هذا ، بالرغم من الدعاوى العديدة التى قدمت فى الفترة ما بين ١٩٧١ وحتى يومنا هذا .
هذا تاريخ منذ القرن السابع عشر لدولة وشعب يستخدمان نفس تكتيكات مسمار جحا لغرس استيطاني وفرض حجية تاريخية باطلة .
لا نستغرب كثيراً فهم يزعمون انهم نسل يهوذا ولن يتوانى حكامهم على استخدام لقب اسد يهوذا وفى هذا يتماهى التكتيك الاثيوبى مع التكتيكات الصهيونية بغرس تاريخ مطعم بالحقيقة والزيف لاثبات حق تاريخى مزعوم.
هل بعد هذه الحكايا التاريخية الممتدة لنزاع مصغر حول دير مصرى يمتد تاريخ النزاع منذ القرن السابع عشر ان نركن لحلول ديبلوماسية او حتى لاتفاق ملزم بالملئ ؟
وهل نثق وهم يماطلون ويسوفون فى اتفاقات سابقة انهم قد يلتزمون باى اتفاق لاحق ؟!!!
اثيوبيا دولة مارقة والركون لحلول دبلوماسية بعد كل تصريحات مسئوليها الاستفزازية استلاب لدور وقدرة وحتم وحق مصر التاريخى والجغرافي ، واخشى ما اخشاه انه مهدد خطير لكينونة الدولة التاريخية المركزية المصرية التى يركن فيها الفلاح للفرعون الحاكم شريطة تنظيم اساسيات الأرض فى الرى والمياة.
استلاب هذا المكون للعلاقة التاريخية بين الحكومة المركزية والفلاح قد يفرط عقد تلك المنظومة الحاكمة وللأبد .
التعليقات مغلقة.