حكاوي سمسمة ” أسطي صنايعي”بقلم أسماء البيطار
حكاوي سمسمة ” أسطي صنايعي”
بـ قلمي / أسـمـاء الـبـيـطـار
لما كنت صغيرة و على أيام جيلي جيل السبعينات ، كان في أجازة الصيف محدش من الولاد بيقعد في البيت ، كله كان بيروح يتعلم صَنعة ، يعني يقف في ورشة نجارة ، عند حلاق ، عند ميكانيكي
و هكذا و ده كان في فترة الصيف فقط و قبل الدراسة بحوالي إسبوعين بتبتدي الولاد تقعد من الشغل و تستعد للدراسة .
كانت نظرة الناس الكبيرة بتاعة زمان حكيمة ، و عملية ، و متواضعة
و كانت فكرتهم إن الولد لو ” ما نفعش في الدراسة ”
يبقى أهو في إيده صنعه تنفعه لما يكبر و يفتح منها بيت .
أنا على فكرة من أنصار الفكرة دي مهما كان المستوى الإجتماعي لإن من وجهة نظري المتواضعة إن الصنعة مهما كانت مش عيب .
و كانت الناس الجميلة دي ما كنش عندها عيب و لا كسوف إن ولد أو بنت من أولادهم ما كملش في الدراسة أو بلهجتهم
” ما نفعش في العلام ”
و على فكرة البنت كمان ما كانتش بتقعد من المدرسة و خلاص ، كانت بتتعلم هي كمان صنعة زي التفصيل ، أو شغل الإبرة زي التريكوه و الكوروشية .
علشان كدة يمكن جيلنا و الجيل اللي قبله طلع منه سيدات
” إسطوات في التفصيل” لدرجة إنهم وصلوا لتفصيل فساتين السهرة و الخطوبة .
و كان التفصيل مصدر رزق و دخل لكتير من البيوت .
و على فكرة …
أنا بعد ما خلصت جامعة إشتغلت مع بنت مسيحية
مفارش ” ليسيه” نوع من أنواع شغل الإبرة اليدوي .
كنت باخد منها المفارش اخلصها في البيت و ارجعها ليها و هي بتسوقها بمعرفتها .
كنا زمان بنحس إن كل واحد مُتمكن و شاطر في مهنته .
يعني الدكاترة كانوا معروفين بالإسم و ما كناش بنلف كتير بينهم أو ما نرتحش على علاجهم .
و كمان الأسطوات في المهن لو عوزين نصلح حاجة ، روح لفلان يعني هو فلان مش حد تاني و يمكن بنفضل معاه طول العُمر و مش بنغيره لإن المهنة زمان كانت شرف ، و أمانة ، و حب للصنعة .
و حقيقي كان في ناس منهم بيزعلوا لو ما قولتلوش يا أسطه فلان .
إنما دلوقتي حدث و لا حرج !
المدارس و الجامعات على أخرهم طلاب ، كام واحد منهم فعلاً يستحق الكرسي اللي قاعد عليه دلوقتي أو فيما بعد ؟!
أظن لو عملنا إختبارات حقيقية و نتائج عادلة ممكن تكون المفاجئة ما تسرش ، خصوصًا لو بنتكلم عن مستقبل وطن ، و حياة بني آدمين .
و للأسف معظم الصناعات ماتت لأن ناسها الأصليين راحوا ، و محدش بقى يودي إبنه يتعلم صنعة ؟!
في نظرهم بقى ” عيب ، أو قلة قيمة ” مش هتفرق .
معظم الصناعات دلوقتي بقت تتاخد عافية ، أو مصدر للرزق و خلاص
و العجيبة إنك لازم تقوله يا ” باش مهندس ” !!
و في منهم بيزعل لو قلت له يا أسطي بيستقل بالمهنة أو مكسوف منها بقى الله أعلم !
يعني مثلاً ..
جبنا واحد يصلح لنا البتوجاز السنة اللي فاتت ، بدون مقدمات قال :
أنا أصلاً بصلح تلاجات و البتوجاز واخده هواية ؟!
و جبنا واحد يصلح التلاجة قال :
دا أنا بصلح تكييفات و التلاجة واخدها هواية ؟!
روحت صيدلية أجيب دواء كان صاحب الصيدلية موجود دخل في وسط الكلام دكتور عنده حديث السن تعدي على كلامه و كأنه طبيب بشرى ؟!
الدكتور صاحب الصيدلية من ذوقه سكت ؟!
و نظر لي في نهاية حديثه ، و كأنه بيقولي زي قلت لكِ بالأول ؟!
كل واحد لازم يبقى بالبلدي ” أسطي ” في مهنته
أو لازم يبقى ” معَلم ”
و بلغة العلم لازم يبقى متمكن و شاطر و يستحق الكرسي اللي شَغله في سنوات الدراسة .
و أكيد كلنا من غير صنايعي و مُتعلم و لا حاجة .
و إلى لقاء أخر مع حكاوي سمسمة ..
التعليقات مغلقة.