حكاوي سمسمة حكاية زيارة
بقلم / أسـمـاء الـبـيـطـار
و ف يوم حن قلبي لزيارة أبويا ، بعد أزمة الكورونا الأولى و شهور الحظر الطويلة .
إبني شبط فيا و قال آجي معاكِ يا ماما ، و دي أول مرة حد من ولادي يروح المكان دا .
يعني ما يعرفوش طبيعة المكان من قريب أو من بعيد .
و العجيبة إنه كان ماشي بثبات غريب !!
و علشان كانت أول مرة يزور جده، و كنت قلقانة عليه من الزحام قولتله تعالى نروح من مكان أنا عرفاه أهدى شويتين .
كنا يوم خميس و ف شهر يوليو .
كانت ” القرافة ” على غير العادة ف اليوم دا !!
الهدوء كان مُخيف ، و الطريق اللي بالنسبالي كان إلى حدٍ ما هادي كان حقيقي مُرعب لكن كنت متونسه بابني و ماسكة نفسي !
صِعب عليا الأموات و صور مشاهد القبور و هي مشققة ، و كأنها مهجورة من سنين !!
لكن ..
كانت ريحة القبور الحية معبيه المكان، قلبي وجعني أكتر و حمدت ربنا إن إبني ما يعرفهاش .
و بعد ما خلصنا الشارع لقينا في وشنا راجل بيبيع غزل البنات !
و صوت ” الزمارة ” بيرج المكان !
إبني بصلي بستغراب !!
و قالي : إيه دا يا ماما ؟!
قولتله : واحد ” بيلقط ” رزقه .
قالي : هنا ؟
قولتله : قرب و خليك هادي ، أنا لما باجي هنا ما بحبش أتكلم في أمور الدُنيا .
ندخل نزور جدك و بعدين أقولك على اللي فيها .
دخلت عند أبويا بشوق و لا اللي هلاقيه واقف مستنيني !!
إحساس كل مرة ما بينتهيش و لا عمره قل .
قرأت الفاتحة
دعيت
و إفتكرت
حكيت
و بكيت
و أصعب لحظة حقيقي و أنا جاية أمشي من قدامه ، بيبقى مش هاين عليا اسيبه
ببكي أكتر
بقرأ الفاتحة و بمشي من قدامه على عيني
و المرة دي ما طولتش عنده علشان كنا على سفر .
كل دا و دماغ إبني شغالة إزاي الراجل اللي بيبيع غزل البنات يدخل لحد عقر دار الأموات ؟
و مين اللي هيشتري منه ؟
و إزاي ” يزمر” كدة وسط القبور ؟
و تلاتين سؤال بيدوروا ف دماغ الواد .
قولتله : طيب تعالي بقى نخرج من المخرج الرئيسي
بس تمشي من سُاكت .
خرجنا كان على اليمين مسجد الرحمة ، و قدام المسجد ما لذ و طاب
فشار ، و زلابية ، و ترمس ، و عيال ماليه المكان ، و عَجل و عربيات و زمامير ماليه المكان !
و هو سؤال واحد من الولد .
هو دا طبيعي يا ماما ؟؟
قولتله : لا يا حبيبي مش طبيعي .
و أنا في سري ماشية بقوله و من غير ما يسمعني .
أومال لو جيت في الأعياد
كنت لاقيت الطبلة و المزمار، وولاد جايين بلبس العيد و كأنهم داخلين مولد سيدي خميس ؟!
و لو ما فيش حظر الكورونا كنت ما عرفتش تحط رجلك في المكان !
و كنت سديت ودنك من الخناقات ؟!
و كل قبر تعدي عليه تلاقي الناس في سيرة الناس ؟!
خلصت كلامي مع نفسي لقتني في البيت عند أمي .
قالتلي : ” إيش بعادة ما غبتيش ” ؟!
قولتلها : أبدا ما فيش لاقيت الأحياء خايفين يزوروا الأموات ؟!
بصت أمي لإبني و قالتله : الحق يا عبد الرحمن ؟
ما هي أمي عارفة طبيعة المكان .
حط الولد وشه في الأرض و هز راسه !!
طيب .. و إحنا إمتى هـ نحترم طبيعة المكان ؟!
أي مكان ……… .
و إلى لقاءٍ أخر مع حكاوي سمسمة ..
التعليقات مغلقة.