حكايات تاريخية عن الأمن القومي د. أحمد دبيان
حكايات تاريخية عن الأمن القومي د. أحمد دبيان
أعلنت فرنسا وبريطانيا الحرب علي المانيا في الثالث من سبتمبر عام ١٩٣٩ بعد غزو المانيا لبولندا في الأول من نفس الشهر وبعد اقل من ثلاثة أيام.
العجيب ان حدود بولندا بعيدة تماما عن انجلترا او فرنسا بل و فعليا لا توجد اي حدود مشتركة بينهما .
رغم هذا وبعد الغزو الالماني لبولندا قامت فرنسا تاريخيا باغرب حرب تسمي في ادبيات المعارك بالحرب المضحكة
(بالفرنسية: Drôle de guerre)
.
كان التحرك حتميا حماية لامنها القومي ولهذا حركت فرنسا قواتها و تفعيلا لاتفاقية دفاع مشترك، بينها وبين بولندا حيث نفذت القوات الفرنسية هجوما محدودا على إقليم السار الحدودي الألماني.
كانت القوات الألمانية تحت قيادة ويلهلم ريتر فون ليب، تقابلها القوات الفرنسية المقسمة إلى مجموعتي جيوش. إحداها (مجموعة الجيوش الثانية) كانت تحت قيادة غاستون بريتيلا Gaston Prételat، والأخرى (مجموعة الجيوش الثالثة) تحت قيادة هنري بيسون Henri Besson، وكلاهما كان يتبع موريس غاملين Maurice Gamelin القائد العام الفرنسي.
بدا الهجوم في 7 سبتمبر. من بين احدي وثلاثين فرقة كانت متاحة آنذاك، في الخطوط الأمامية، استخدم منها تسعة فقط، وقد حاولت تلك القوات التقدم ١٢ كيلومتراً فقط في إقليم السار الألماني حيث احتل الفرنسيون بعض القرى.
ما حدث بعد ذلك كان السبب الرئيسي في تسميتها بالحرب المضحكة.
في 13 سبتمبر تم إيقاف الهجوم الفرنسي تحت حجة أن هزيمة بولندا قد تحققت، رغم أن المقاومة البولندية استمرت بعد ذلك أكثر من أسبوعين. بلغت حصيلة خسائر الجيش الفرنسي من هذا الهجوم ٢٧ قتيلاً، و ٢٢ جريحاً، و ٢٨ مفقوداً. أما القوات الجوية الفرنسية فقد خسرت ٩ طائرات مقاتلة، و ١٨ طائرة استطلاع.
لم تقع بعد ذلك مناوشات تستحق الذكر رغم أن حالة الحرب بين الألمان والحلفاء لم تنته، ولم يحرك الحلفاء ساكناً جبنا وخوفا حتى بعد أن غزا الألمان الدنمارك، والنرويج، ولم يتحركوا إلاّ بعد أن غزا الألمان هولندا، وبلجيكا، ولوكسمبورغ فجر ١٠ مايو ١٩٤٠ ضمن ما يعرف باسم معركة فرنسا، والتي انتهت بهزيمة قوات الحلفاء، واحتلال تلك الدول إضافة إلى فرنسا.
أثناء محاكمات نورمبرغ بعد انتهاء الحرب اعترف ألفرد يودل، رئيس العمليات في القوات المسلحة الألمانية، أنه يعجب من عدم استخدام فرنسا وبريطانيا لـلمائة عشر فرقة التي كانت تحت تصرفها لغزو ألمانيا و التي كان كل ما لديها ٢٣ فرقة وقتها على حدود فرنسا اثناء انشغالها بغزو بولندا، وقد أيده في ذلك الماريشال فيلهلم كايتل رئيس قيادة القوات المسلحة الألمانية.
كان التقدم لاثني عشر كيلو مترا والتي تذكرنا باثني عشر كيلو مترا أخري اعلن احدهم بعدها ان أكتوبر آخر الحروب ، ثم الانسحاب ضربا عبثيا ومثالا صارخا علي التردد في اللحظات التاريخية الفارقة والذي ربما كان ليغير مصير الحرب الثانية كلها او علي الاقل كان ليمنع اجتياح فرنسا لاحقا والذي تم عبر الأردين.
التعليقات مغلقة.