حكاية من ارشيفي…بقلم حسين صابر
حكاية من أرشيفي
(حصلت معي قبل عشرة أعوام تقريباً)
في يوم توزيع الرواتب طرق باب مكتبي أحد الموظفين الذين كانوا يعملون معي في أحد المصانع.
الشاب كان يصغرني بحدود ١٢ سنة
دخل وبعد التحية جلس أمامي، فخطر ببالي أن أسأله:
- ما أهم ما ستفعله اليوم بعد استلامك الراتب؟
- سأتسوق وأذهب إلى الصغيرة.
- من هي الصغيرة؟
- زوجتي الثانية فالدور اليوم لها.
- ومتى تذهب إلى أمك؟
- لن أذهب. نحن متخاصمان.
دعوته للنهوض والاقتراب من حاسوبي وكانت الخلفية هي هذه الصورة التي أمامكم الآن وسألته:
- أتعرف ما اسم هذه الزهور؟
- كلا.
- إنها الخزامى ذات العطر الفواح المميز.
سألني: - وما علاقتها بما نتحدث عنه؟
أجبته: - يقول عنها الشاعر معبراً عن مشاعر الأم:
يا حبذا ريح الولد
ريحٌ خزامى في البلد
هل هكذا كل ولد
أم لم تلد غيري ولد
( ريح الإنسان هي ليست رائحة جسده، بل ما يطلقه من غازات من جوفه)… تمعن بعمق التشبيه…
صمت صاحبي وطال صمته..
التفت إليه فوجدته غارقاً في الدموع.
استأذن وخرج….
جاء في صباح اليوم التالي متورد الوجنتين ناصع الوجه.. أخذني في حضنه وقبلني وكلمات الشكر تتسارع من لسانه.. سألت:
- ماذا حصل؟
- تسوقت ونسيت الصغيرة والكبيرة وذهبت إلى أمي.. وضعت رأسي في حجرها ونمت، ولم أصحَ إلا في الصباح وأنا على فراشها بينما ترقد هي على الأرض.. قدمت لها بعض المال، فردته وقالت:
- مجيئك لا تعدله أموال.. اذهب الى عملك فأنا راضية عنك.
الأديب حسين صابر
التعليقات مغلقة.