موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

حكاية ومضة مقال بقلم احمد فؤاد الهادي

213

حكاية ومضة
مقال بقلم احمد فؤاد الهادي

الومضة القصصية هي تكثيف شديد لقصة متكاملة الأركان قابلة للتأويل طبقا لذائقة قارئها، ليست حكمة أو قولا مأثورا، ويتطلب إنتاجها قدرة الكاتب على اختيار مفرداتها التي تعبر عما يصبوا إليه، ويزيدها رونقا استخدام المحسنات البديعية كلما أمكن ذلك دون إخلال بسياقها.

ونعرض مثالا لاشتقاق قصة من ومضة قصصية، وقد يرى غيري قصصا أخرى يمكن اشتقاقها من خلال نفس الومضة، فلنجرب سويا ولنعرض رؤانا.

الومضة:

كئيب: نادى أن مسه الضر؛ تبادل الناس التهانى.

الحكاية:

الرجل ذو الأنف المعقوف كان ظهره أيضا معقوفا، فكأنه كان جسدا بين معقوفين، حالة خاصة، قد تكون متفردة، وجه نحيف وجبهة عريضة ممتدة إلى ثلث فروة الرأس، أنف يسبقه بعدة سنتيمترات وقد برز في منتصف وجهه يحفه أخدودان عن اليمين وعن اليسار نهايتهما تكادان تخترقان حافتي فمه حيث تلتقى شفته السفلى بتلك العليا المفرطحة والتي تنضح بالكآبة وقد زادها سخطا هذا الشارب الهتلري الذى يغرس المدى في قلب كل من يراه، يحاول أن يبدو مبتسما، فتأتى ابتسامته كئيبة يملؤها الغل والحقد والتعالي على كل من تقع عليه عيناه وحتى على كل من يخطر بباله.

في المساء، يتخذ مجلسه على تلك الأريكة العتيقة ذات الكسوة الكالحة وقد وضع قدمه اليمنى تحت فخذه الأيسر ومد ذراعه الأيمن مستريحا على ركبته اليسرى المثنية، وأشعل نصف السيجارة المشطور، وأجلس أمامه ولديه وهو يحدثهم حديث كل مساء: جذوره الممتدة من الفاتحين المسلمين، وأجداده قادة الجيوش في كل العهود، والأفذاذ من عائلته الذين تناثروا بين وزراء ورؤساء جهات حيوية خطيرة، ولا يفوته بين الحين والحين أن يذكرهم بأنه سليل عرق لم ولن يتكرر، مميز عن كل البشر، فلما يطول صمتهم خوفا ورعبا، فإنه يقص عليهم مزيدا من الأكاذيب: كيف كان متفردا بين أقرانه في المدرسة – رغم فشله الدراسي – وبطولاته عندما كان يلعب كرة القدم ـ التي لا يعرف عنها شيئا ـ كحارس مرمى.

يبذر الحقد والقسوة والكذب والرياء أينما ذهب، ويحصد الكراهية تلالا لا تسعها الأرض، انفرد بولديه بعد أن هجرته زوجته، فحرم عليهما الحياة، ولكنهما رأيا الحياة بعينيه، فصارا نسختين منه، يعيشان نفس الضلالات ويؤمنان بها ويدافعان عنها وكأنها الحق.

لم يربت على كتف أي منهما يوما، بل كان يرفع الواحد منهما صغيرا بيديه حتى يبلغ كتفيه فيلقيه بلا رحمة على الأرض، وقد يلاحقه بركلتين من قدمه.

عندما هزمه المرض اللعين، ألقاه كالخرقة البالية على سريره العتيق، كفت أحباله الصوتية عن طاعته، زاغت عيناه وتاهت في كل اتجاه، بدت الدنيا أمامه كثقب الخياط الذي عليه أن ينفذ من خلاله لينجو، لم يعده أحد من الجيران أو من تلك العائلة المزعومة، تجمع في صدره قطرات من الإيمان فنادى أن مسه الضر، تبادل الناس التهاني، انقطع النفس وصمت القلب، التفت الساق بالساق وترنح الرأس الصلب على الوسادة اللينة، لم يحضر أحد للعزاء.

أحمد فؤاد الهادي ـ مصر.

التعليقات مغلقة.