حكايتي معَ الشِّعر بقلم .. عزيزة طرابلسي
طَهَوْتُ شِعري بنار الصَّبرِ هادئةً
وما طعِمتُ إلى السَّبعينَ من عمري
فذاقهُ الصَّحبُ ؛ عذبًا ،ناضجًا ، سلسًا
أدركتُ من بعدِ ذا ما قيمةُ الصَّبرِ
ألقيتُ بِذْرَتَهُ في الرُّوحِ راجِيَةً
أن تملأ الكونَ ألوانًا مِنَ الخيرِ
أسقيتُها أملًا حلوًا أعيشُ بهِ
حتَّى جنيتُ بها روضًا منَ الزَّهرِ
وصارَ شِعري صديقًا لا يُفارِقُني
أبُثُّهُ كلَّ همٍّ حاكَ في صدري
فَيَنبري لِيَصوغَ الحرفَ قافِيَةً
تُحدِّثُ النَّاسَ عن بَوحي ، وعن فكري
فإن تأوَّهتُ من حزنٍ ومن ألم
أراهُ يشدو بما عانيتُ مِن قهرِ
وإن سعدتُ ، وطاب العيشُ في فَرَحٍ
يشدو بكلِّ جميل ٍ فائقِ السِّحرِ
بكى بدمعي على الأحبابِ إذ رَحَلوا
وخلَّدَ الوحيُ ذكراهُم مدى الدَّهرِ
وما فشا الشَّرُّ في أوطاننا يومًا
إلًّا وكان لنا عونًا على الشَّرِّ
وكم دعانا بِصوتٍ عاقلٍ فطِنٍ
إلى التَّحلِّي بأخلاقٍ كما العطرِ
وحِكمةٍ حقَّقَتْ مجدًا لنا قدمًا
ماسَت قَوافٍ بها من سالفِ العصرِ
جرَّدْتُه صرخةً كالسَّيفِ ذائدةً
عن الشُّعوبِ ؛ تصيبُ الظُّلم في النَّحرِ
كَنَسْمَةِ الصُّبحِ يُلقي في النُّفوسِ ندى
يَرْوي القلوبَ ، ويُحييها بِذا القطرِ
يُخاطِبُ العقلَ في علمٍ ومعرِفةٍ
ونفحةُ الصِّدقِ فيهِ ؛ بسمةُ الفجرِ
في قالَبٍ مُتقَنٍ جَزْلٍ يهيمُ بهِ
عشَّاقُ حرفٍ يرَوْنَ السِّحرَ في الشِّعرِ
تباهتِ الضَّادُ فيهِ مثلَ آنسةٍ
تزهو بِداناتٍ مِنْ لؤلؤِ البحرِ
يَمِيسُ عُجبًا بألوانٍ مُنَوّعةٍ
من الفنونِ ، تضيءُ الليل َ كالبدْرِ
يسمو بقوَّةِ سبكٍ باتَ مُؤتلقًا
حلاوةُ الشَّهدِ في ألفاظِهِ تجري
كم حلَّقت في سماءِ الفكرِ أجنِحَةٌ
مِنَ الخيال بوصفٍِ ؛ جاء كالسِّحرِ
وكم طرِبْتُ لأوزانٍ يجودُ بها
تلوَّنت بجميلِ البوحِ و الفكْرِ
كرنَّةِ العودِ راقصةً لدى فرحٍ
أو أنَّةِ النَّايِ في الأعماقِ إذْ تسري
فإن رَحَلْتُ عنِ الدُّنيا ، وذا قدَرٌ
فإنَّهُ خالدٌ ؛كالطِّيبِ في إثْرِي
التعليقات مغلقة.