حينما تطغى الرذائل على الفضائل… قراءة انطباعية في ومضة قصصية للأديب السوري سامي قباوة بقلم: عاشور زكي وهبة
حينما تطغى الرذائل على الفضائل… قراءة انطباعية في ومضة قصصية للأديب السوري سامي قباوة بقلم: عاشور زكي وهبة
أولًا: نصّ الومضة نشوزٌ
أصابته الفضيلة؛ عالجه الفجرة.
ثانيًا: القراءة
١. العنوان: (نشوز)
مصدر من فعل ثلاثي (نَشَزَ)
في قضايا الأحوال المدنية نقول:
نشرت المرأة أي تمردت وبغضت زوجها. نشز الرجل أي ضرب أو أذى أو جفا زوجته.
إذن النشوز ضد الفطرة في حدوث المودة والرحمة بين الزوجين.
ونقول: لحن/نغم/صوت ناشز أي خرج عن القاعدة الموسيقية ولا يتلائم مع اللحن أو النغم أو الصوت العام.
وإذا كان (نشوز) جمع (نَشْز) وهو المكان المرتفع. ومنها رجل نشز أي غليظ القلب.
من هذه المقدمة يتضح أن (نشوز) يوحي بالخروج عن القاعدة/الشذوذ/البغض/التمرد/الأذى…إلخ
وكلها معاني سلبية لا تبشر بخير…
٢. صدر الومضة: أصابته الفضيلة.
يتكون الصدر من مفردتين فعل ماض متعد يتصل به الهاء ضمير الغائب المفعول به إلى جانب اسم معرف بال..
الفعل الماضي (أصاب) له مصدران:
_ أصاب صوابًا، وهذا مصدر إيجابي، نقول: أصاب الهدف أو الحقيقة… إلخ.
أصاب أصابةً، وهذا مصدر سلبي، نقول: أصابه مرض أو فاقة أو مكروه أو سوء… لكن من المفارقة الصادمة في صدر الومضة أننا أمام إنسان أصابته الفضيلة. فهل أضحت الفضيلة داء يستوجب الدواء؟! في زمن الفتن تضحى الفضيلة وبالًا على صاحبها، خاصةً حينما يوجد إنسان فاضل وسط قوم من الأراذل. نقول عادةً: لا يصحّ غير الصحيح.. المتصف بالكمال والجمال. ويقول المثل العامي الشهير عن زمن تبدل القيم والأخلاق: الأنصاف قامتْ والقوالب نامت. وهكذا أصبح الإنسان الفاضل طاهر اليد واللسان والفرج كنصف مبتور وسط قوالب مقولبة من الأراذل الأنجاس.. يقول الله تعالى في محكم التنزيل، في الأية 56 من سورة النمل: ” فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون”. كان لوط عليه السلام_ رمزا للفضيلة والطهر وسط قرية من الأنجاس الفجرة المتصفين بالرذيلة والعهر.
ويأتي زمان القابض فيه على دينه كالقابض على الجمر!
٣. عجز الومضة: عالجه الفجرة.
تأتينا المفارقة الصادمة حينما ينقلب الداء دواءًا، والدواء داءًا!
في القرية الفاجرة الظالمة يتحكّم الأراذل الفجّار في الأفاضل الأخيار:
يتم إخراجهم أو سجنهم أو إعدامهم ليحل الظلام الحالك على القرية وأهلها الفجرة الذين يصبحون دعاةً على أبواب جهنم أسوأ حالًا من مردة الشياطين.
يوصفون الفجور علاجًا للأفاضل..
يحل الكفر والإلحاد في موضع الإيمان والإسلام.
والكذب والنفاق بدلا من الصدق.
يطغى الفجور على البر.
المثلية والشذوذ والزنا عوضا عن الزواج والمودة والرحمة بين أفراد الأسرة والمجتمع.
هكذا في أيام الفتن التي كقطع الليل المظلم يضحى الظلام نورًا، والنور ظلامًا.
٤. المفارقة والإدهاش:
التضاد بين أصاب وعالج، والفضيلة (الأفاضل البررة) والفجرة…
٥.المغزى من الومضة:
حينما نقف بالمرصاد لمن يبغون الفساد في الأرض، هؤلاء الدعاة الفجرة الذين يدعون إلى النار، إخوان الشياطين وأولياؤهم، يرتد كيدهم في نحورهم حيث أنهم يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم، والله متم نوره ولو كره الكافرون.
ونقول بصدق:
“جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقًا”.
في الختام أحيي أستاذنا الطبيب الأديب @سامي قباوة على ومضته البديعة متمنيا له دوام التوفيق.
في أمان الله.
الأربعاء 27/7/2022
التعليقات مغلقة.