موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

خاطرة رمضانية بقلم د. ابراهيم مصري النهر

155

خاطرة رمضانية بقلم د. ابراهيم مصري النهر


كنا نقسم رمضان كالتالي:
أوله، الاهتمام بالأكل والعزومات؛ طيور بلدي ولحم جزاري مع الأرز والمخروطة والمكرونة والكسكاس والمشروبات والكنافة، وقبل كل هذا، الاهتمام بنقاء القلوب وصفاء النفوس. الوجوه منيرة يغمرها الفرح والسرور بقدوم هذا الضيف الكريم. لم تكن فرحتي باللحوم وتزاحم الأطباق على المائدة فأنا نباتي الطعام، فرحتي كانت بالمعازيم التي تضج بها المائدة، من أعمامي وأخوالي وأصحاب أبي وجداتي، وأيضا اللعب بفانوس الشمع مع أولاد عمي في جرن العزبة.

كان أبي كل يوم بعد صلاة العصر يطلب مني أن أركب الحمار وآتي بعم من أعمامي أو خال من أخوالي أو صاحب من أصحابه ليفطر معنا ويوصيني ألا أعود إلا به، وأذهب إلى جدتي التي تعيش مع عمي الأكبر وآتي بها لتفطر معنا، كانت جدتي رحمها الله بدوية أصيلة بنطاقها الأحمر والدق والوشم بين عينيها بلون الزيتون، تمشي وفي يدها عكاز، طعنت في السن، فأبي أصغر أبنائها، الابتسامة لا تفارق بدر وجهها والحلوى لا تبرح جيبها، أخفض لها جناح دابتي لتركب وبعد ما تركب تضع يدها في السيالة وتخرج قطعة حلوى ”توفي“ وتعطيها لي، وتفتح كيستها وتمد يدها نحوي وتقول بلهجتها البدوية: (هاك قرش).
ذات مرة تمنعت أن آخذ منها الحلوى وأخبرتها أني صائم.
قالت لي: لا بأس هذه حلوى لا تفطر.
بعدها طلبت من أبي أن يحضر لي حلوى مثل حلوى (حني) لا تفطر، ضحك وقال: لقد خدعتك جدتك لتفطر، فأنت مازلت صغيرا بعد، ولا تقوى على الصيام.

وفي أوسطه أقصد رمضان، تبدأ نبرة ملابس العيد تعلو على صوت المأكولات والمشروبات؛ نذهب مع أبينا للقمَّاش ونختار من بين أثواب ملفوفة وموضوعة بالترتيب فوق بعضها، حسب الخامة واللون والسعر، كلما كان الثوب أعلى خامة وجودة وسعرا ارتفعت مكانته على الرفوف، بعكس ترتيب طبقات البشر التي يُصنَّف فيها الناس على قدر ما معهم من مال وما لديهم من سلطة ولا اعتبار للعلم ولا مكانة للأمانة والضمير.
كنا كأطفال نختار اللون الذي نحبه كلٌ حسب ذوقه ولم نكن نقدر الجودة بعد، أما السعر فلا يشغل بالنا ولكنه يشغل بال مَن سيدفع، ثم نذهب بها إلى الترزي ليأخذ الطول وعرض الأكتاف، فهو الوحيد الذي يقول لنا: أرني عرض كتفيك.. ولا نغضب عليه.
هذه كانت ملابس عيدنا بل ملابس العيدين.. هذا الثوب. أما بالنسبة للأحذية فكنا نرمم ما يمكن ترميمه، فمن عنده حذاء أو شبشب مقطوع يخيطه ويورنشه، ومن ليس عنده يشتري جديدا على أن يضع في حسبانه أنه من الذين سيورنشون في العام القادم.

وفي أواخر رمضان، في ليالي الجد والاجتهاد ومضاعفة الطاعة ففيها ليلة القدر، كانت عند النساء ليالي الكعك، في كل دار من ديار العزبة ليلة، حيث تعد النساء العجين والحطب بالنهار، على أن تبدأ الحفلة بإضاءة الكلوب بعد الفطار، ثم تبدأ الفتيات في برم الكعك ليأتي دور الفتيان في نقشه، وكان من بين الفتيان من يجيد النقش حتى أن الفتيات كانت تطلبنه بالاسم.. ولا ننسى دور الجدة؛ تقدر مقادير العجين، وتتذوقه بعد نضجه، وتحكم على مدى جودته.
كل ذلك على خلفية موجة إذاعة الشرق الأوسط ومنوعات غنائية ومسلسلات يتخللها موجز لأهم الأنباء. وما أن تنتهي مرحلة عمل الكعك ونقشه ورصه على الألواح، إلا وتبدأ مرحلة انضاجه داخل الفرن البلدي، وبذلك تكون قد انتهت حفلة الليلة لتقام في الغد في دار جديدة…
لكن ما يؤسف والعيب الوحيد في هذه الحفلات أنها كانت تضيع في طيَّاتها ليلة خير من ألف شهر، ليلة القدر.

على فكرة ”حني“ معناها جدتي بلغة البدو

التعليقات مغلقة.