خزانة سرية
بقلم هنا سعد
بداخلى جزء كبير من السكينة والطمانينة وجزء أكبر من القلق والريبة.
جزء يقول إننى أعيش مرارة الحياة؛ وجزء يُقر إننى فى نعمة كبرى لايضاهيها نعمة.
أعيش فى تناقض كبير جزئى لايشبة جزئى الآخر أنا لست أنا، لم أشعر ذلك من قبل.
لاأدرى ماذا حل بى ؟
وماذا انتابنى ؟
كنت أشعر بحزن يعقبه فرحة، وقلق يتلوه سكينة، وصخب بعده هدوء، ولهو ينهيه تعقل ،لم أكن أضحك ودموعي تجرى، لم أكن أتناول طعامى وغصة تملؤ حلقى.
كنت أذبل ثم أينع وأينع ثم أذبل لم أشعر أبدًا أننى ذابلة ويانعة فى نفس الوقت .
كنت أكبو فأنهض وأنهض ثم أكبو لم يكن نصفى الأيمن شامخًا ونصفى الأيسر يجثو على ركبتيه.
لم يجتمع لديّ شعورين متناقضين أبدًا؛ لم أكن قبل ذلك الوقت “الشئ وضده معًا”؛فلم أكن أبدًا جوزائية إلى هذا الحد .
إنه موقف غامض يعترينى؛ من أنا ؟وأيهما أكون ؟
أنا السعيدة، المطمئنة، الهادئة، اليانعة، الراضية!
أم الحزينة، القلقة، المرتابة، الذابلة، الساخطة!
أن أكون أحدهم فهذا مقبول مستساغ لى،ولكن كونى الاثنين معًا لهو حقًا مايثير قلقى وحيرتى.
بحثت فى داخلى عن سبب ذلك الخبل والتخبط ؛أكتشفت الأمر وفهمت كنهه أخيرًا.
من يستطيع أن يفعل بي كل هذا سوى فلذة الكبد ونور البصر خاصة عند تحدى الزمان لهم او تعرضهم لصعوبة ما.
إنه الأمل الذى استبطأنا وقوعه أو الفرحة التى لم تعاش فى وقتها؟!
هو الحلم الذى لم يتحقق لهم بعد أو طول إنتظار لمجهول نأمل أن يكون سعيدًا ؟!
نعم هم من أشعر لأجلهم بغاية الحزن والأسى رغم النجاحات الشخصية ويكسرون الظهر رغم المجد ويقطعون عليّ طريق السكينة والإطمئنان حين ينتابهم شئ من قلق.
إنهم يسكنون بداخلى، يحكمون زمام الأمور، يعبثون بتلك المضغة كيفما شاءوا ،يتربع كل منهم صمام ؛ويتدلوا إلى جوفي ليمرروا اليّ من أوجاعهم وآلامهم وآمالهم وطموحاتهم مايشاءون فى غلبة منهم وانصياع منى.
تغمرنى مشاعرهم ويغلبني إحساسهم فأصبحت لاأجيد التمييز بين تطلعاتهم وتطلعاتى وبين أحلامهم وأحلامى
أفكر بعقلى فأرضى وأطمئن وأفكر بقلوبهم الغضة فأثور وأعترض وأمارس القلق.
كل ذلك يحدث فى ذات الوقت تفكيرا وشعورا متوازيا لا أستطيع الانحياز إلى أحدهم دون الآخر (فكرى صحيح وشعورهم صادق)
وأخيرًا
لقد حسمت أمرى لأقضي على ذلك الخلاف المحتدم بداخلى وأحل شفرة تلك الحيرة الكبرى لأستجمع شتات أجزائي المنقسمة
نعم إنه الحل الأمثل
سأضع عقلى جانبًا فى خزانة سرية وأحيا بقلوبهم الساكنة فى أعماقى ؛ أضبط دقات قلبى على رتم دقات قلوبهم وأمنح كل منهم مفتاحًا خاصًا للصمام الذى يبتغيه .
التعليقات مغلقة.