خلود أيمن تكتب : الرَمَق الأخير
إن أصعب ما في الموت هو عدم استعداد المرء له فهو لاهٍ طوال الوقت في ملذات الحياة غير آبه بتلك اللحظة الحاسمة رغم علمه أن الموت قد يأتيه بغتةً ويفاجئه من حيث لا يدري بينما يكون غير متأهب له ، لذا عليه أنْ يعمل جاهداً وأنْ يُقلِّل تَعلُّقه بالحياة بكل ما فيها من متاع وملذات حتى إذا جاءه الموت يكون قد أدى ما عليه من واجبات دون تقصير سواء أكانت تلك الواجبات خاصة بالعبادة أو أي أمر آخر يتقرب به إلى الله من أذكار أو صلوات أو غيرها من الشعائر الدينية التي يدركها كل امرئ ولكنه قد يتكاسل عنها إلى أنْ يمر الوقت ويفوت الأوان فيُصاب بالندم عقب ذلك التراخي الذي اتبعه في الدنيا ويكون قد خسر دنيته وآخرته على حد سواء ، لذا لا بد من اليقظة المستمرة قبل أنْ يجد المرء ذاته على حافة النهاية التي قد يسقط بعدها في الجحيم إذا لم ينتبه أو يأخذ حذره من الدنيا وكل ما فيها من إغواءات حتى لا ينساق وراء كل ما تشتهيه نفسه ويكون كتابع لها بدلاً من جعلها تابعة له يُروِّضها ويقودها ويردعها ويقنن ركضها وراء السفاهات التي تضيعه لا محالة وتسيء من نهايته وتجعله يتذوق العذاب كوؤساً غير منتهية بفعل اتباعه لكل ما هو دنئ في تلك الحياة ، فالموت لحظة ولكنها بالحياة بأسرها فهي تحصيل لكل ما زرعه المرء في حياته إذْ تُحصِي ما وضعه من حسنات وما ارتكبه من معاصي وكلُّ له مُطلَق الحرية في اختيار تلك النهاية بما يقدمه بكلتا يديه فقد تُرضيه وقد تُتعِسه وتجعله في الدرك الأسفل من النار والعياذ بالله ، فعلى الجميع توخي الحذر والتركيز في كل ما يخطونه من خطوات قد ترفع من قدرهم وقد تَحُط منهم خشية هذا اليوم العظيم الذي يَهابَه الجميع والذي لا يُفرِّق فيه امرئ عن آخر سوى مجمل أعماله واتجاهاته في حياته بأسرها …
التعليقات مغلقة.