خواطر بسن القلم حسين الجندي : الناس والهموم

خواطر بسن القلم حسين الجندي : الناس والهموم

الناس في معالجة همومهم صنفان:
صنف مهما صغر حجم همهم لديهم القدرة على جعله هما كبيرا ضخما متشعبا،فهؤلاء يهدفون أن يعيشوا على إثره في (أنتخة) وكسل وتَكَسُّب، فتراهم يهرعون بالشكوى والتوجع إلى طوب الأرض،فيستمتعون بمصمصة الشفاه النشاز ويطربون لكلمات المواساة الباردة ويحاولون بكل قوة أن يظلوا في تلك الدائرة من الصعبانية اللذيذة الناعمة..

وصنف آخر أصحاب الهموم الحقيقية تراهم يُشْبِهون الفقراء المتعففين يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف..

هؤلاء يظل همهم في نفوسهم يعيشون به في صمت، نعم هم من الداخل يتقطعون ويتألمون،ولكن تراهم وسط الناس في بشاشة وهمة وإقبال،ولا يشعر بهمومهم إلا أقرب الأقربين إليهم،حتى هؤلاء أحيانا يستشعرونهم في كثير من الأحيان في حال أفضل منهم..

هؤلاء أصحاب عزيمة وإيمان وتوكل على الله وارتكان إلى حضنه وحنانه..

ولكن ولأنهم في الأول والأخير بشر، عندما تنقطع بهم السبل وتنغلق عليهم دائرة الهم وينفد رصيدهم من الصبر وتعجز حيلتهم نراهم في حالة انهيار شديد كجبل شامخ خرَّ من هول الزلزلة..

وقتها لابد أن يقف الجميع معهم ويحيطونهم برعايتهم لا جبرا لخاطرهم وحسب بل لأن الواجب يحتم ذلك ويفرضه، لأنهم بهذه الحالة قد وصل قطارهم إلى طريق بلا قضبان.