دراسة نقدية للقصة القصيرة جدا “أنثى” بقلم الأديبة السورية أ. فاطمة مخلف محمد
أولا النص : أُنْثَى بقلم أبو مازن عبد الكافي
أَحَسَّتْ أنَّهَا كالطَّيْرِ الْحَبِيسِ؛ تَمَرَّدَتْ وَثَارَتْ، فَتَحَ لَهَا بَابَ الْقَفَصِ وَوَقَفَ خَلْفَهَا، أَخْرَجَتْ قَدَمَهَا الْيُسْرَى، وَعِنْدَمَا هَمَّتْ بِرَفْعِ قَدَمِهَا الْيُمْنَى لِلْخُرُوجْ، مَدَّ يدَيْهِ مَاسِحًا عَلَى رَأْسِهَا مُنْحَدِرًا بِهِمَا عَلَى كَتِفَيْهَا جَاذِبًا إِيَّاهَا إليْهِ، فَأَخَذَتْهَا قَشْعَرِيرَةٌ واِرْتَعَدَتْ؛ أَدْخَلَتْ قَدَمَهَا الْيُسْرَى لِلْقَفَصِ، وَوَلَّتْ وَجْهَهَا شَطْرَهُْ.
ثانيا : القراءة
“عندما تتغلب العاطفة تنتصر الأنوثة”
أنثى!!! ذلك الكائن الحساس الملئ بالمتناقضات تكره التقييد والحبس في هذا القفص الذي يمنعها من تنفس الصعداء والشعور بالحب والحاجة للحنان هي مجنحة ترغب بالطيران، حالة من الثورة على واقعها، قد يكون القفص الأول بيت الأهل، أو حتى بيتا لزوج أول!
عندما ترى الحب والحنان والاهتمام ممن يفتح لها قلبه لا بد أنها ستطمئن وتقرر أن تدخل قفصه وتسكن إليه، ذلك القفص الذي يمثل لها فكرًا متجاوبا،”مسح رأسها”، ويمثل سندا قويا تتكئ عليه “ربت على كتفيها”،
“جاذبا إياها”… بأسلوبه ولطفه وكرمه ومحبته واحترامه؛ أشياء تجذب المرأةة للرجل الذي قررت أن تشاركه قفصه.
القشعريرة هي حالة قد يشعر بها الانسان عند البرد أو الحمَّى أو لأسباب أخرى وهي حالة علميا تصيب جلد المرء لتعديل الحرارة أو أو… لتقبل حالة شعورية معينة، وأنا أراها حالة حب وتعلق.
“ارتعدت” خوفا أو تحسبا أو تفكرا للمستقبل، أو انتشاءً،.
لكن قدمها اليمنى التي دخلت بها القفص دلالة تأكيد وثقة ومعروف أن اليد اليمنى والساعد الأيمن دلالة قوة وثقة، اليسرى كانت مترددة، ثورة للتحرر والحصول على ما تريد.
أعادت القدم اليسرى للقفص بملامسته إياها لما أحست بصدق العاطفة منه تجاهها دخلت بقوة ورضىً دون تردد.
أما جملة “فولت وجهها شطره” والتي فيها تناص واضح مع آي الذكر الحكيم والتي تشير لجهة العبادة “القبلة” الكعبة”المسجد الحرام” أثناء الصلاة، أعتقد جازمةً أن قصد الكاتب كان بكل ثقةٍ أنها استسلمت له ودخلت محرابه لترضيه وتنهل من عطفه وحنانه بإذعانٍ تام.
ذكر مفردة “شطره” توحي لنا أنه بات قبلتها، تدين له بالعبودية التي تشبه عبودية المؤمن لله مع الفارق ولا معبود إلا الله سبحانه. لكنها مبالغة في نيتها إرضاء زوجها، وكناية عن أنها ستكون زوجة صالحة وستتخلى عن ثورتها وتمردها من أجله .
رمزية ما بين السطور تعطي مجالات تأويلات كثيرة، قد تأخذنا بشكل أو بآخر لقصة “بلقيس” ملكة سبأ، من حيث الدلالات، “الأقدام هنا، والساق هناك”.
فاطمة المخلف . “سورية”
التعليقات مغلقة.