دَمعةُ أيوب..
عبير عبد المنعم
بقلم/ عبير عبدالمنعم
مِثْلُكِ يا دمعة أيوب
أقتاتُ على الصبرِ
أحتضنُ المقلَ
أُكَابدُ الأملَ
معصوبُ البوحِ
ألمعُ كالنجومِ
في سماء أشهرت ظلمتها
مِثْلُكِ أسطع بالحقيقة
شفافة الأنكسار
قاسية الحريق
أرسمُ زينتي وأمضي
فوق العُشب حزني يضيء
تحوم حولي الأكف
أنحدر صامتة صاخبة
ولا سواي صابرة
أدغدغ الشوك
أودعُ وجهي
أنسكب بياضاً
تصفق لي القلوب
كدفتر طفلة رسمت فراشة
وظلها يحترق
عبر تفاصيل المكان
عبر تفاصيل الزمان
عبر حكايا الشمس الدائمة الرحيل
والقمر المسافر
عبر أحلام النجوم
ومصابيح لبست ثوب الليل
تأتي أنتِ كما أنا
في طيات الرؤى
على قمة الأشراق
وفي أطراف الغروب.
تجيءُ أكمام الزهر بسيرتك
وفي لهفة تتمرأى أمالي…
في شفافيتك المطلقة
فأقول…
وانا أمسح ملح الصبر عني
أنا مِثْلُكِ يا دمعة أيوب
دمعة أيوب
عنوان فريد حقا يطرح أو يفرض أسئلة كثر ، أهمها :
– ما هي دمعة أيوب ؟
– ولم اختارت شاعرتنا دمعة أيوب كعنوان أو كموضوع للنص ؟
بداية أوضح أن ( دمعة أيوب ) نبات من الفصيلة النجيلية ينمو في المناطق الإستوائية ، له بذور بيضاء صلبة للغاية ، وله عدة استعمالات ؛ فهو يستخدم كمضاف للشاي في شرق آسيا ، كما تتخذ بذوره لصنع حلي الزينة ، وأخيرا تستخدم بذوره في عمل المسابح لمنظرها وصلابتها .
من هذا المدخل نرى لم اختارت شاعرتنا ( دمعة أيوب ) لتكون عنوانا للنص أو بل الأحرى موضوعا فريدا جديدا للقصيدة ، لتضع الشعر العربي في مسار رمزية جديدة تماما لم يسبقها لها سابق.
تقول شاعرتنا :
مثلك يا دمعة أيوب
ألمع كالنجوم
نعم .. لهذا التشبيه المدهش اختارت دمعة أيوب .
ثم تقول :
قاسية الحريق
لتكشف لنا قوة صلابتها مثل بذرة دمعة أيوب في شدة صلابتها ولمعانها كالنجوم ..
ثم في تعبير مذهل توقفت عنده كثيرا
تحوم حولي الأكف
ودمعة أيوب تصنع من بذورها المسابح ، فكأنها تذكر الله بكرة وعشيا .
ولم تنس شاعرتنا زينة النص وحليته ، فقالت :
أرسم زينتي وأمضي
ودمعة أيوب تتخذ زينة لصنع الحلي .
إن راوية النص ترى أنها دمعة أيوب في ثالوثها الأقدس ؛ فهي غذاء للجسم ، حيث تضاف للشاي أو يصنع منها مشروبا مستقلا ، وهي زينة المرأة ، لجمال بذورها ، وأخيرا هي رابط العبد بذكر ربه ، لصناعة المسابح من بذورها ، حيث تشير إلى الذكر وتعلق قلبها برب السماء :
في سماء أشهرت ظلمتها
والظلمة هنا هي ظلمة البشر ، فلا يظلم ربك أحدا ، لكنها صورة فريدة في رمزية عبقرية حقا .
أحييك أستاذتنا على نص يحول مسار الرمزية في الأدب العربي ليخرج به إلى سماء رؤاك الأرحب ، التي تعيد الإنسان إلى إنسانيته المرتبطة بالسماء ، بعيدا عن كلمات العشق والهوى التى يعتمدونها في كتاباتهم ، نص راق مجدد يضع للشعر بل للكتابة قواعد سامية .
أحييك أستاذتي المجددة الإنسانة .