دموع القلب “نور النار” الحلقة الثانية
هيفاء البرجاوى
بدأت الحياة تعود لفسحة البيت والأنوار تعكس إشراقة قلب الجد أبو ماجد ،،وهو يشارك بترتيب الأغراض ،وتنظيم الأثاث ،،وتزيين جدرانه بزخازف متقنة الرسم بريشة تخطت حدود الجدران والأسقف ،لتخترق هيكلا عمرانيا لإحياء وغرس بذور رائحةالحياة التي بدأ ت تعود رويدا رويدا،،،،
إلى كل ركن بالبيت ،وصوت العود الذي تراكم عليه غبار الآم الحزن ،،أصبحت أوتاره تتراقص بين أنامله رغم تشققها وارتجاف أوصاله ،،أوصل صوتا كان من أعماقه وخلده المبعثر،،لملم بأمانيه كل سنينه الغائبة،،لتجتمع العصافير حول النافورة ويتفتح الزنبق البلدي بوسط جذوع ياسمينة ما زالت لها صدارة على عرش معزوفة تشتاقهاأروا ح ما زالت حاضرة تستنشق عطر الديار ترويها بدموع تشاركها تفريغ أشواق الحنين بلحن الأمل،،بريق عيون أوراق الشجرة وسعادتها،،وثمارها المتراصة على أغصان بالكاد تحملها وصمغ تبعثر على جذعها الصلب ،،يخبرهم أن الماء أصبح يتسرب كل جذوري ،،أصبحت جرعاته تنتشي أرضي وأنفاسي ،،،هكذا عادت الروح لصباحات الأمل لأرجاء بيت الجد “أبو ماجد”،وصوت الوليد كان أول من حط ترحاله بهذا البيت ،،بأنامل القدر،،ليختار له اسم”ضياء”تبارك الخلاق،،لجماله أصبحت الحياة تستفيض بهاءا بكل زوايا البيت كما قلبيهما،،،
بعد أيام ليست ببعيدة ،،،وهو يصلي الفجر بالمسجد الموجود بالحي المقابل،،،وهو يسلم عيناه وقعت على شاب وسيم بجواره حقيبة ،الكل غادر المسجد إلا هو ،وكأنه بعالم آخر ،،لا يسمع ولا يرى سوى مابداخله من أحزان كبلته عناء ومشاق نفسه المكسورة ،،
ليسمعه يبكي تارة بشدة وحرقة ،وتارة أخرى يبسم بدموع تنهمر يكفكفها بيديه ،اقترب منه ،،ليعطيه منديلا ،عله يمسح من أحزانه ما فاضت حناياه المثقلة بالأوجاع ،،،دعاه يشاركه زاد الصباح ويسمعه بروية،،أخذه معه وهو ينظر للأرض بخجل ،،،ليعلم أثناء تبادلهما الحديث بعدما تشاركا خبز المودة والعشرة ،،إنه عربي الجنسية،اسمه “حسام” وأنه سيبقى أيام ويعود بلاده لأمر اتى لإتمامه ،،،
وأثناء الحوار لاحظ أن حرارته مرتفعة وجسده يرتجف من السخونة ،،أخذه غرفته واستدعى له الطبيب ،،سألته ابنته سراب من هذا يا أبي ،،وكيف تأتي بشخص غريب بيتنا ونحن لا نعلم قصته وما وراءه،،،،ألم تسمع عن قصص لأسر أهل بيتهم تخلوا عنهم ،،بأصعب الظروف ،،وكيف الغدر طال أعناق ممن أشد قربا وصلة ،،،
قاطعها بغضب وهل يا ابنتي هذا ماعلمتكم
وعليه شابت أوصالي!!!!!! فقلبي كيف أغفو وهذا الشاب غريب الديار ،،
أكثير عليه أن يجد يدا بيضاء تمتد له، من بين كل الخراب الذي أصاب نفوس تاه بها السبيل، حتى عن انفسهم .
ما ذنب هذا الشاب عابر السبيل الذي تقطعت به السبل ،لألقاه بجواري ببيت الرحمن، فالقدروضعه أمامي ليشعر بالأمان ،،لبيت وهبنا الله وقلب يحفظنا ويحفظه ، وهاقد تمالح معنا من نفس الزاد والإناء،،ولربما يكون أخوك الآن بنفس ظرفه وحاله ،،،ما تتمنين له،،وبينما يتبادلان الحوار ،غرقت دموع الندم والحزن وجتي حسام ،وبعدما عادا من صلاةالفجر وتناولا الفطور وبينما خلد الجد للنوم ،،غطاه بشال مطرز كانت أمه حاكته له ،،
وترك ظرفا بجواره،،مبتل بالدموع،،،استهلها
ببسم الله الرحمن الرحيم
،،،سامحني يا أبي ،،لا استحق أن أ لقى منك كل هذا الكرم والطيب ،،،لكنك أشعلت كل النور الذي بقلبي،لم أعد أخشى تهديداتهم فالنار التي كانت تعصف بي يا أبتي،،،كانت دموع الفقر والعوز والظلم الذي مر بي وأمي تنتظر عودتي وهي على فراش الموت،،،
ساوموني بها ليفرغوا أحقادهم على هذه الأرض الطيبة بنيران غلهم الأسود ،،كنت أناجي الله أن يلهمني الرشد وهو عالم السرائر ،حينما احتضنتني بهذا البيت الدافىء ،وحضنك الكبير ،استأصلت برودة كانت تعبث بي،لأعلم أن من حفظك من ناري الباردة ،،وحفظ هذه الأرض الطيبة ،،قادرأن يحفظ أمي .
الوقود الأسود الذي كان بحقيبتي ،،،حولته بطيبك وقلبك النوراني،لسبيل يهديني طريقي،،،،لم أكن أتنازل عن إنسانيتي لولم يكن المقابل حياة أمي،لأنه حضن وطني الآمن لمسيرتي لن يساوموني عن حضن يحتضن أوطانا ،،،،تلك هي رسالة الله لي ،،،
الوداع يا أبتي ،،،خبزك مصان ما حييت ،،ملح المودة سيبقى يسري بعروقي من إناء أهل العز والكرم
تلك الكلمات التي فارق بها بيت العيلة ،،،
لكن آثار نبله وضميره الحي سيخلد لأجيال
العبرة لمتاهات اكتظت بها الأقوال
ليكون للشهامة والنخوة والإنسانيةأكبر مثال
بقلم //هيفاء البريجاوي//سورية
التعليقات مغلقة.