دميــة بقلم / دعاء أحمد
دميــة بقلم / دعاء أحمد
عجوز الستينيات القاطنة بإحدى القرى ، التي كادت تسقط من خريطة القرن الواحد و العشرين ، اقترحتْ على ابنها أن يتزوج من صبية تدعى دُمية ، عمرها خمسة عشر عاما ، أفهمته أنها ستتربى على يديه ، ليشكلها كما يشاء .
عندما قال لأمه العجوز :
- سنها صغير جداً ، و عمري ضعف عمرها .
فردت عليه محاولةً إقناعه : - النساء يكبرن سريعًا يا بنى ، ويظهر عليهن العجز مبكرًا عن الرجال .
منذ رآها ، جحظت عيناه ، و سال لعابه ، لحست عقله بأنوثتها الطاغية التي تفوق سنها بكثير .
العجوز الواعرة المعتقة بعقلها و أفكارها القديمة ، لم تتخيل هي و وحيدها العانس ، أن تلك المنهكة من تربية أشقائها الأربع ، قاطنة الدار المتواضعة جدًا ، سترفضه بفدادينه و داره الأسطورية ، الفواحة برائحة العجين والسمن البلدي و اللبن المخضوض و صوت الجاموس ، فهي و ابنها و دارها و قريتها ، أصبحوا آثارًا نادرة وسط معظم القرى المجاورة ، التي بددت زرعها كي تلبس أرضها على الموضة ، موضة العمارات الشاهقة و المقاهي التي دخلها صندوق الدنيا المطور في شكل النت .
راودته فكرة فيلم قديم ، فذهب إلي دارها مبكراً ، ظن أنه سيغريها بزيارة البندر ، و أنه قادرٌ على شرائها بهدية ، لتغير رأيها و تقبل الزواج منه ، و بينما هو متجه نحو دارها ، رآها تحمل مشنة الفاكهة ، ثم ركبت عربة الأجرة ذاهبةً إلى المدينة ، تتبعها، فوجدها تدخل دكانة المسخرة كما يسميها هو ، ظن أن دُمية دخلت لتبيع من محصول فاكهة الحاج عويس الذي تشتري منه بالأجل ، لكنه شاهدها تروج فاكهة جسدها الطازج .
التعليقات مغلقة.