موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

دولاب خشبي عتيق … محمود حمدون

271

” دولاب خشبي عتيق ”

محمود حمدون

لعلك تعرف أنيّ طبيب لأمراض ” الباطنة ” ولعلك أيضًا لم تأت هنا صدفة أو بطريق الخطأ , لكنّي على كل حال سأستمع إليك , عُذرًا أن قاطعت حديثك , الآن أكمل ما كنت تحكيه قبيل مقاطعتي لك!.
قبل أن أستطرد , تذكّرت أنّي ذهب بإرادتي لعيادة ذلك الطبيب المغمور , التي تقع بمنطقة نائية على طرف مدينتي والتي بدورها تقف بمنتصف الطريق ما بين الوجهين القبلي والبحري , كأنما ضلّت طريقها قديمًا فاستقر بها المقام وأهلها حتى حين أو هاربة من ثأر يطلبه منها القدر … تذكّرت أول أمس حينما عُدت من عملي وهدوء يلف شوارع المدينة , وجل يحل في الأفق , خوف من مجهول ينساب من مآقي من يندُر أن ألقاهم بطريق إيابي لمنزلي ..
لقد اجتمع الناس على خوف عظيم من ” فيروس ” شاع في الجو ,ينتقل بين رفات الموتى , يتخفّى وراء نازلة البرد التقليدية ,يسري بهدوء بين صفحات ” المواقع الاليكترونية ” فأصبح السعال بين الخلق نذير شؤم.
حينما رجعت لداري , وارهاق السفر يلفّني من رأسي لأخمص قدمي ,فعلت ما أفعله كل مرّة ,ألقيت بجسدي على سريري , نمت بملابسي , راجيًا النوم أن يتسلل لجفوني برفق وأن يحتويني برحمته وأن ينزع عنّي ولو هذه الساعة رداء القسوة والجفوة , وقد أوفى وزاد فنمت دقائق قليلة ,ربما لم تزد عن ثلاثة كاملة ثم سمعت باب غرفتي يُفتح فجأة , خطوات أقدام تقترب , كنت وقتها أنام على جانبي الأيمن ,وجهي قبالة ” دولاب خشبي عتيق ” تنزاح درفته اليُسرى قليلًا للوراء , حرّكت رموش عيني حتى أتيقّن أني واع لما حولي فرأيت خلال مرآته الداخلية صورتي , , وشبح قادم يأتي من الجهة الأخرى ويقفز على السرير دونما اعتبار لنومي الخفيف .
يتجوّل بثقة من يؤمن بصعوبة مقاومته , فحاولت النهوض وفشلت وغيظ شديد يُحكم طوقه حول رقبتي , أقسم أن كان يعبث بأوراقي وأشيائي خلفي , يصنع جلبة ويثير الصمت القابع في المكان كأنما يُجبرني على الوقوف من رقدتي , فعجزت حتى على الالتفاف بجسدي , سألت نفسي : كابوس ما أرى أم واقع أعايشه رأي العين؟
هل أصابني خرف الشيخوخة مبكرًا ؟ وقد سمعت عن كثيرين عانوا بما مررت به الآن , كنت أصغي إليهم لاهي الفؤاد عنهم , نافيًا أن تدور بيّ الدوائر هكذا .. حينما أنهى الزائر جولته , أتم ما أتي إليه دون معارضة منيّ , انصرف لشأنه , بذهابه انغلقت درفة الدولاب رويدًا وبهتت الصورة ومن بعيد سمعت صوت الآذان , لعله المغرب .. حينها نهضت بنشاط غريب وعزمت حين تنبّهت لكل ما حدث أن أذهب لرؤية طبيب , أن أدق باب أقرب من أرى لافتته الطبية على حائط أو شرفة منزل , فكان نصيبي ذلك البائس المتشح بردائه الأبيض الخمسيني العُمر , ذاك الذي يُخفي وجهه خلف نظارة سميكة ويلقي على وجهه ابتسامة صفراء فاقع لونها لطمأنة مرضاه بجدوى ما يدفعونه.
التقاني بملل واضح , سألني بغير اكتراث : مما تشكو ؟ يعلو وجهك صفار , قلة نوم ؟ تعاني من عُسر هضم ,لعل ” قولونك ” العصبي قد ثار فوق ما يحتمل جسدك ,ثم ندّت عنه ضحكة صغيرة كأنما يسعى للتودد إلى خصم عنيد وقال : نحن جميعًا ضحايا لسيئ الطعام ..
أجبته : منذ سويعات مررت بحادثة غريبة , ثم سردتها على سمعه وهو يتصفّح مجلّة طبية أمامه , ولما أنهيت روايتي , رفع رأسه ورماني بعبارة ملتهبة قاسية : لعلك تعرف أنيّ طبيب لأمراض ” الباطنة “
لمً أتيتني ؟ هناك وأشار بيسراه لبناية كبيرة مقابلة , تقع عيادة طبيب للأمراض النفسية , أحسب أنه ماهر بعمله , لديه تجد ضالتك , بين يديه ستعثر على تفسير ما حدث لك , أظنك كنت نائمًا , تلك اللحظة الفاصلة بين الغطيط والصحيان , وقتها تضطرب الأشياء ويطفو العالق منها تحت سطح الوعي ..
حينها واتتني فرصة ثمينة فقاطعته : ينتهي دورك في الإصغاء إليّ , دفعت لك مقابل أن تُنصت وقد فعلت أنت دون اهتمام كاف , لم آت إليك إلّا بقدمي التي ساقتني إليك , رأيت بؤسًا يقطر من لافتتك التي تعلو هذا المبنى الكئيب فأردت أن أزيح عنك وعنها بعض ما تراكم بفعل السنين , ثم نهضت عنه وقبيل أن أصل للباب , وصلني صوته وقد تدثّر بودّ حقيقي : لعلك لن تكرر زيارتك لنا ثانية ؟
قلت له وأنا أسمع صدى خطواتي على الدرجات الرخامية للسُلّم : حَلُمت بالنوم فراودته عن نفسه فأبى واستعصم.

التعليقات مغلقة.