دونمة مصر …د.أحمد دبيان
دونمة مصر …د.أحمد دبيان
دونمه ،
كلمة تركية من آلاف الكلمات التركية التى تسللت كالانفاس الكريهة من فم مثقوب الاسنان لتحتل تركيبا لغويا ننطق به رغما عنا ، جراء الاستلاب الرعوى الذى جثم على صدر الشعوب المنتهبة والمستعمرة .
دونمه ( DONMEH )
تأتى من الفعل دونمك بالتركية والتى تعنى عاد وتاب .
البداية كانت مع الهاماشيح المزيف ،
( المسيح ) ( Messiah ) (والتى تعنى بالآرامية الموعود او المصطفى او المختار المكلف )
كانت البداية مع المسيح اليهودى الزائف شاباتاى تسيفى
ولد شابتاى فى يوليو عام ١٦٢٦ بمدينة ازمير التركية ، وكان ابواه يهوديين هاجرا من اسبانيا هربا من محاكم التفتيش والتى اجتثت اليهود والمسلمين من اسبانيا بعد سقوط الاندلس .
وجد شابتاى ارضا فكرية خصبه لزعمه ، فاليهود مضطهدون فى اوروبا كلها والحاخامات يعتقدون بظهور الهاماشيح المخلص عام ١٦٤٨.
هنا قرر شاباتاى ادعاء النبوة وانه هو المسيح اليهودى المنتظر وتلقب بابن الله البكر وابوكم اسرائيل،
أثار هذا الحاخامات حين أخذ يعدل فى الاحكام ، واخذ يقسم العالم الى مناطق وعين حاكما لكل منطقة .
وقتها كان السلطان محمد الرابع هو المتولى لشئون الخلافة العثمانية وذهب اليه الحاخامات مبينين خطر وزيف شابتاى واتباعه والذى تعاظم نفوذه وصارت الوفود اليهودية تأتى اليه من انحاء العالم .
هنا كانت المحاكمة والاختبار بوضعه على المحك بتبيان معجزاته او الموت او الدخول فى الإسلام فآثر الدخول فى الاسلام نجاة من الموت واطلق عليه لقب محمد افندى عزيز . تحول اتباعه الى الاسلام ظاهرا وان ظلوا يمارسون شعائر اليهودية الشاباتية فى السر .
هنا نأتى لموضوع ليهود مصر ، وهل هناك منهم من تحول الى الاسلام ظاهرا ؟ !!!!
ظلت مصر بلدا متسامحا فى أغلب اوقاتها وعصورها ، اللهم الا فى فترات الاستلاب الرعوى وتعايشت فيها الديانات دون اضطهاد او تنكيل ، بل وتولى كثير من اليهود والمسيحيين مناصبا فى الخزانة والوزارات .
رغم هذا ظل النسيج الوطنى قوامه الاقباط المسلمين والاقباط المسيحيين ، سواء فى ثورات مصر الكبرى فى عام ١٨٨١ وثورة عرابى باشا حين قام شيخ الازهر وبابا الكنيسة المرقصية بخلع طاعة الخديوى توفيق الخائن ولم ينضم اليهم حاخام اليهود الا متأخرا ، وتجلى ايضا هذا واضحا فى ثورة عام ١٩١٩ حين كان الشعار الابرز
(يحيا الهلال مع الصليب )
ولم ييرز اى شعار ينوه لاتحاد درع داوود الشهير بنجمة داوود معبرا عن اندماج الطائفة الاسرائيلية اليهودية وقتها فى بوتقة ثورة الشعب .
ربما كان هذا لان اليهود الموجودين كانوا من جاليات اجنبية نزحت بعد الحرب العالمية الاولى وحروب البلقان ومعظمهم كانوا بلا جنسية ، ولكن كان هناك بالفعل يهود مصريين ينقسمون الى طائفتين؛
اليهودية الحاخامية التلمودية واليهود القرائيين وكلاهما كان بعيدا عن تأثيرات تجديدات الفيلسوف اليهودى سبينيوزا ،
كانت اليهودية الربانية الحاخامية التلمودية اسيرة لتجديدات منظرها الابرز موشيه ميمونيدس والذى كان طبيبا للسلطان صلاح الدين ، والذى وضع لبنات الصهيونية بتقسيماته التى ترسخ لفقه الاغيار ، بينما كان اليهود القرائيين
KARAITES
ينتهجون فقه عنان بن داوود
ANAN BEN DAVID
والذين كانوا يرفضون اليهودية الربانية والتلمود والتوراة الشفهية ، بل واعترف عنان بن داوود بيوحنا (يحيى ) ( و يهوشوع YESHUA يسوع ) عيسى بن مريم كانبياء لبنى اسرائيل وبمحمد بن عبد الله نبيا الى العرب .
كانت القرائية نتاجا للفلسفة الاسلامية وتأثرها بفكر المعتزلة وبثقافة التعايش فى العصر العباسى .
ظل اليهود القرائيين جزءا من نسيج التعايش المصرى الى ان قامت حركة الفكر الصهيونى بقيادة تيودور هرتزل .
هنا ترصد الدكتورة زبيدة محمد عطا فى كتابها
( يهود مصر التاريخ السياسى )
عن تأييد واحتضان شعبى يهودى للفكرة والتى تصهين بها حتى اتباع فرقة القرائيين ،
لم يخل الامر من استثناءات بالطبع فالفنانة ليلى مراد كانت من اليهود القرائيين وكانت ترفض الصهيونية وظل البعض من اصحاب الايديولوحيات بخلفياتهم اليهوظية كالمناضل هنرى كورييل رافضا للصهيونية .
ولكن كان هناك تيارا اعم واغلب احتضن الصهيونية كفكرة وتبرع لها وتطوع وانضم لحراكاتها فى فلسطين ، بل وترصد المؤلفة فى نفس الكتاب عن منح احدى اميرات العائلة المالكة السابقة مزرعتها ،للحركة الصهيونية فى مصر والتى اخترقت حتى طائفة القرائيين ونوادى الرياضة مثل النادى المكابى للتدريب على الأعمال العسكرية .
قامت المظاهرات تأييدا للصهيونية عند زيارة هرتزل لمصر ، واحتضنت الجالية اليهودية بن جوريون وموشيه ديان فى زيارتهم لمصر اثناء انعقاد احدى المؤتمرات الداعمة للصهيونية ما قبل انهاء الانتداب واعلان دولة الكيان الغاصب فى ١٥ مايو عام ١٩٤٨.
بل واخترقت الحركة الصهيونية والوكالة اليهودية العرش المصرى ذاته بعلاقات مشينة بين الملك السابق والممثلة اليهودية كاميليا والتى كانت تعمل لحساب الوكالة اليهودية .
رغم هذا التسامح الذى يصل الى حد الاختراق ، نرصد حالات تحول من اليهودية الى المسيحية و الاسلام
ورغم عدم انتهاجنا للدخول فى السرائر بل وايماننا بحرية اختيار المعتقد ، الا ان المسألة اليهودية حالة خاصة فى تاريخ العالم بانتهاج جيتو فكرى معتقدى اجتماعى يرفض الاندماج فى المجتمعات والبلدان التى عاش فيها .
الرصد الاول كان لزوجة احد السياسين الاشهر فى الحياة السياسية المصرية ، وهى ليا او ليئة نادلر من عائلة نادلر اليهودية وزوجة الدكتور بطرس غالي ووير الدولة للشئون الخارجية وقت الاتفاق على معاهدة كامب دافيد وهو حفيد رئيس النظار بطرس غالى والذى اغتاله ابراهيم ناصيف الوردانى بسبب توقيعه لاتفاقية السودان والتى رسخت لسيطرة الانجليز على السودان والذى كان قاضيا ممن اصدروا الاحكام على شهداء دنشواى ، والاهم انه حاول تمديد اتفاقية امتياز قناة السةيس لما بعد عام ١٩٦٨.
الرصد الثانى هو لاحد رجال الاعمال المصريين والذين اسهموا بصورة مباشرة فى تردى الحالة الاقتصادية المصرية ،
فنرصد هنا السيد احمد الزيات وهو رجل اعمال مصرى كون ثروته من شراء رئيس شركة الاهرام المصريه لانتاح البيرة .
تطالعنا مواقع البحث بمعلومات غامضة متناقضة عنه،
فاسمه أحمد الزيات ولكن يتم الترويج على انه مولود بإسم “إفرايم داڤيد الزيات” عام ( 31 أغسطس 1962)،
و هو رجل أعمال ومربي خيول مصري، وصديق شخصى من جمال مبارك، ابن الرئيس السابق حسني مبارك. وقد كان الزيات مالك شركة الأهرام للمشروبات، التي تحتكر صناعة البيرة في الشرق الأوسط، وتقدر ثروته بنحو 2 مليار دولار، وهو متوقف لنحو عشر سنوات، عن سداد قروض من البنوك المصرية قدرها 3 مليار جنيه.
نستكمل الابحار فى سيرة السيد أحمد الزيات فهو يهودي أرثوذكسي، منذ ميلاده رغم انه حفيد الدكتور أحمد حسن الزيات خريج الازهر وواده هو الدكتور علاء الزيات استاذ الطب بالقصر العينى والطبيب الخاص للرئيس الراحل محمد انور السادات .
افرايم دافيد الزيات متزوج من السيدة جوان ولديه أربع أطفال، آشلي، جستن، بنجامين، وإيما. ويقيم في تينك، نيوجرسي (ضاحية مدينة نيويورك)، وله منزل فى القاهرة ولندن.
والزيات يهودي متدين، ومساهم سخي في القضايا اليهودية. تبرع الزيات بمبلغ 500.000 دولار لصالح مدرسة فريش، مدرسة أرثوذكسية حديثة في پاراموس. في 2001 كُرم هو وزوجته جوان من قبل معهد سيناء لذوي الاحتياجات الخاصة في تينك، نيوجرسي من أجل أعمالهم الخيرية.
دخل الزيات مجال سباق الخيول في 2005، وفي 2008 أصبح الزيات من رواد ملاك الخيول في أمريكا الشمالية، وفي 2015 حاز الاسطبل الذي يملكه، اسطبل الزيات، على الترتيب الخامس في أمريكا الشمالية. و كان كما نوهنا قد اشترى شركة بيرة الاهرام المملوكة للدولة و باع جزءا منها بعد 3 سنين لشركة هاينيكن الهولاندية للبيرة.
ويبقى السؤال الذى يبرز ليطرح نفسه.
هل هناك دونمة مصريون موجودين مهمتهم تيسير حلحلة ثوابت الدولة المصرية واستقرارها وعوامل نهضتها فى فقه الصراع الازلى المهدد للامن القومى المصرى استطاعوا ان يخترقوا فيما اخترقوا نسيج مصر القومى ومراكز صنع القرار بها ؟
التعليقات مغلقة.