ديننا الحنيف هو دين الوسطيه والإعتدال
بقلم / محمـــــد الدكـــــرورى
ديننا الحنيف هو دين الوسطية و الاعتدال
إن الإسلام دين يسر وسماحه وهو دين الوسطيه وتعدُّ الوسطية من أعظم الخصائص التي تميزت بها الأمة الإسلامية، والوسطية بمفهومها الشامل المرتكز على معنى الخيرية والعدالة والبيِّنية، واستمدتها من منهج الإسلام ونظامه، وهو منهج الوسط والاعتدال والتوازن، الذي اختاره الله شعارا مميزا لهذه الأمة التي هي آخر الأمم، وللرسالة التي ختمت بها الرسالات
إن دين الإسلام دين الوسطية والاعتدال وفى ذلك يقول رب العزه سبحانه وتعالى (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) سورة البقرة:
ونجد الإسلام وسطا بين جميع الملل، فلا إلحاد ولا وثنية، لا عبادة الأصنام، ولا عبادة الأحجار ، بل عبادة خالصة لله تعالى، على الوجه المشروع، الذي دل عليه الدليل الصحيح، في ألوهيته، وربوبيته، وأسمائه وصفاته، من غير تشبيه، ولا تمثيل، ولا تحريف، ولا تعطيل
فالوسطية في الإسلام أنه الخيار العدل في كل شيء، وهو الخيار الأفضل في كل شيء لا إفراط وغلو من جانب ولا تفريط ولا تقصير من الجانب الآخر.
ولذلك فإن الشيطان حريصٌ على الإنسان أن يجعله مغاليًا متشددًا في أمر إلى درجة أن يخرجه عما أراد الله أو مقصرًا ومضيعًا في الأمر ، وما أمر الله تعالى بأمر إلا وللشيطان فيه نزغتان؛ إما إلى تفريط وتقصير، وإما إلى مجاوزة وغلو، ولا يبالي بأيهما ظفر“.
وقد أقسم الشيطان فقال: (ثُمَّ لَآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ) سورة الأعراف ، فالإسلام وسط بين الذين عظَّموا الأنبياء وقدَّسوهم ورفعوهم فوق منزلتهم حتى جعلوهم آلهة، أو أبناء لله، وبين الجفاة الذين كذبوهم وأهانوهم، بل عذبوهم وقتلوهم .
والإسلام وسط بين المغالين الذين يجعلون العبد مجبورا على فعله، والمفرطين الذين يجعلونه خالق أفعاله، لينطلقوا بعد ذلك إلى الحكم على الناس بالتكفير والإخراج من الملة، بمجرد أفعال صدرت من هذا أو ذاك، وإن لم يستحلوها ، وهناك مَن كفَّر المسلمين بارتكاب الكبائر، وجعله مخلدًا في النار، وتشددوا في تكفير المسلمين وهم الخوارج وذيولهم حاليًا هم فرقة داعش أو غيرهم الذين خرجوا على المسلمين فقتلوا فيهم وكفَّرُوهم، فهؤلاء عندهم غلو وتشدد في الدين.
وهناك على النقيض فِرَق أخرى؛ كالمرجئة المتهاونين في ارتكاب الكبائر بحجة أنه لا يضر مع الإيمان كبيرة؛ فتساهلوا في المعاصي، وارتكبوا الفواحش ، وأما أهل السنة والجماعة فقد كانوا معتدلين؛ فلم يكفِّروا أحدًا من المسلمين، ولم يكفروا مرتكبي الكبائر، بل قالوا ينقص إيمانه بقدر معصيته؛ فهذا الوسط في دين الله سبحانه وتعالى .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن الدين يسر، ولن يشاد الدينَ أحدٌ إلا غلبه؛ فسدِّدوا وقاربوا وأبشروا” رواه البخاري . وقد يقصر بعض الناس في الصلوات، وغيرها من العبادات، وتراه لا يصلي الفجر مع الجماعة أو العصر وبعض الصلوات، ويقولون: الدين يسر، ولا تشددوا على الناس، وعليكم بالوسطية، ولم يعلم هذا المسكين أنه ليس من الوسطية في شيء، بل هذا من التقصير في الدين وهو التفريط.
فالوسطية تعني أن نقوم بما أوجب الدين علينا من الأوامر، ونترك المحرمات لكن تؤديها كما كان يفعلها النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ، فلا تزيد على نفسك إلى درجة المشقة، وفي نفس الوقت لا تقصر في شيء من الواجبات، أو ترتكب المحرمات؛ فقد كانت امرأة تصلي ليلاً في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وكان بجانبها خيط معلّق؛ فإذا تعبت من القيام أمسكت الحبل، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم الحبل، قال: “حُلُّوه ليصلِّ أحدكم ما استطاع، ثم ليرقد“، وكذلك منع بعض الصحابة من الصوم المتواصل.
وهو المطلوب أداء الواجبات والزيادة عليها قدر الاستطاعة، وترك المحرمات ، فالإسلام وسط في عباداته وشعائره بين الأديان ، فالإسلام يكلف المسلم أداء شعائر محدودة في اليوم كالصلاة، أو في السنة كالصوم، أو في العُمُر مرة كالحج، ليظل دائما موصولا بالله، غير مقطوع عن رضاه، ثم يطلقه بعد ذلك ساعيا منتجا، يمشي في مناكب الأرض، ويأكل من رزق الله.
إن تشريع الله في العبادة، تشريع متوسط معتدل، بين الإفراط والتفريط، والغلو والتقصير
وهذا شأن المسلم مع الدين والحياة حتى في يوم الجمعة ، بيع وعمل للدنيا قبل الصلاة، ثم سعي إلى ذكر الله وإلى الصلاة وترك للبيع والشراء وما أشبهه من مشاغل الحياة، ثم انتشار في الأرض وابتغاء الرزق من جديد بعد انقضاء الصلاة، مع عدم الغفلة عن ذكر الله كثيرا في كل حال، فهو أساس الفلاح والنجاح.
والوسطية إعطاء الحقوق لكل صاحب حق، وقد أقر النبي الكريم صلى الله عليه وسلمان الفارسي عندما نام عند أخيه أبي الدرداء، فوجده يقوم الليل من أوله، ولا ينام، فقال له: نم، فلما أراد أبو الدرداء قيام الليل، قال: لا، نم. فكلما أراد أبو الدرداء قيام الليل، قال: لا، نم. فلما جاء آخر الليل أمره بالقيام ثم لما جاء النهار وجده دائمًا يصوم، ولا يأتي أهله، فأمره أن يفطر أحيانًا حتى يؤنس أهله، فتعجب أبو الدرداء من ذلك، وذهب يخبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال عليه الصلاة والسلام “صدق سلمان؛ ثم قال: “إن لربك حقًّا، ولأهلك عليك حقًّا، فأعطِ كل ذي حقٍّ حقه“. نسأل الله أن يرزقنا الوسطية والاعتدال في الدين وإعطاء كل ذي حق حقه.
التعليقات مغلقة.