موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

ذكريات… مرفت السيد أحمد

381

ذكريات…

مرفت السيد أحمد

ذكريات__

فى قرية منسية لم تصلها الحداثة بعد ، كنت كالمدفون فى تلك المرتبة الإسفنجية الرخوة، أصارع الأرق كعادتى ، رأسى ينفجر ، نوبة صداع أخرى اجتاحت رأسى، حاولت السيطرة، ملّت ذكرياتى ، تركتنى وهربت فى أزقة هذا البلد الصغير، حتى وصلت للبيت القديم ، رأيت أبى فرِح يضحك لى كان فى ذلك اليوم له جناحان يحلق بهما كحسون يغرد فى الربيع ، كل شيء جميل حتى الأزهار البلاستيكية التى تتزين بها الطاولة استنشق لها عبيرا …. يستقبل المباركات من الأهل والأصدقاء ، كان ذلك اليوم يوم نجاحى فى الثانوية العامة ،

مازلتُ فى البيت القديم…. وقعت عيناى على الغرفة الكبيرة تذكرت ذلك اليوم الذى فارق أبى فيه الحياة بعد عام واحد من دخولى كلية الهندسة لأحمل أطنان أحزان قادرة على نسف العالم ، مرت حياتى رتيبة مثل كل البشر …
ثقيلة هى الذكريات الأليمة كشاحنة عملاقة تمر على صدرك!!!
تململت فى فراشى ، ضغطت ب يداى على رأسى ، ازدادت نوبة الصداع أكثر..
أغمضت عينى ثانية …علَّنى أقاوم ذلك المسلسل الرتيب الذى آراه كل ليلة ..
للحظة تذكرت نفسى أيضاً يوم انتبهت للعالم من حولى وهو يحكى قصته الزائفة ، قصة الولاء للأرض والولاء للحاكم مرة باسم الدين ومرة باسم الوطنية ، يحاولون التفرقة بين أبناء الأمة لخدمة الفاسدين والقتلة ، يوم قررت أن أحمل على عاتقى هموم الوطن ، يوم حاولت أن أزيح غطاء الجهل عن بلدى………..
خُضْتُ حرب لم ينطفئ سعيرها ضد عبيد المال والسلطة والمناصب والشهوات ضد أنظمة قوضت حياتنا……….
دقات قلبي تتصارع ستفتك بى الذكريات توالت واحدة تلو الأخرى
ومع إعلان العصافير عن بزوغ النهار…….
أعتدل و أنظر للنافذة لأتذكر اليوم الذى انتصرت فيه الثورة على الطاغوت وكم كانت فرحتنا ، “”عيش ، حرية ، عدالة اجتماعية”” وقت الانتصار فقط يتكدس الأعداء فى فناءك ، وتزداد المواعظ ، ويعلو الصياح ، يرجُمك الصنم وعابديه ، ويجبروك على ترك بلادك ….بلادى التى تختزل الحقيقة تختزل الحياة فى رغيف خبز….

طريق الغربة سكة فى الخيال ولكن لابد منه ، بلادى أصبحت سجن مظلم لابد أن أنجو……
أمى تطلب منى التوقف…نظرت لها ولم أتكلم ، يبدو أنها استسلمت ، كانت أصابعها تتحرك بشكل لا إرادى ، كأنها تضرب على أوتار خفية لحناً حزيناً من الرعشة لم يسمعه أحد….بدت فى عيني دمعة اللقاء المجهول ..
_ زوجتى تئن كقطة جريحة..
_ أردت أن أتكلم لكن تتمخض الحروف فى فمى فلا تنجب إلا كلمات مشوهة غير مفهومة.. وأخيراً ابتلعت كلماتى وذهبت….

تذكرت أيضاً يوم عدتُ إلى وطنى وأردت رؤية أصدقائى ، الأشخاص هم الأشخاص كل منهم يلبس عباءة المُصلح والعالِم و السياسى والمُحلل الإقتصادى ، أحاديثهم صارت مملة برغم أنها فى السابق كانت كالكرة يتناوبون ركلها…….

أردت أن أُسكتَهم لاشئ سوى دعوتهم إلى الطعام قادرة على ذلك ، ظل الجميع يهضم طعامه ، و وجعى يهضم جمجمتى من الخذلان ..رجوعى إلى أصدقائى صار حلما آخر فى غياهب ذاكرتى المعتمة. فقد أصبحوا كقطيع أغنام بائس ، تحركهم شاشة تلفاز..
هاااا أنا أودع أحلامى ؛ واحداً تلو الآخر بقلب فاقد الشغف ، قلب مُسِن يتحرك بحرص ، ينظر لوطنه وهو يرقد فى مثواه الأخير ، من خلف الشاشة الزرقاء…..
لازلتُ فى معركتى مع الأرق و من الواضح أنى لن أنام …

المحارب الآن مختلف يتعامل مع واقعه بصمت جياش ، بصمت المترقب ، كجندى ينتظر أوامر قائده ،ولكن لم تأتى أى أوامر انتهى زمن الجهاد منذ عهد الصحابة ، فقط تسلم خطاب تسريح من الخدمة ،
انسحب من الحياة غير آسف فهو قدم ما يرضيه ، و يعلم أن الشرفاء هم الباقون …..

اقترب عقد الذكريات المنفرط يوقع أخر حباته تكوم على نفسه وانزوى
فى ركن الغرفة ينظر للنافذة يرى أول شعاع للشمس يدخل لينير عتمته و ضبابه المستمر …

_ بقلم / مرفت السيد أحمد
مصر

التعليقات مغلقة.