رؤية نقدية “أحلام ممنوعة”الهيام علي … بقلم محمود حمدون
” أحلام ممنوعة “مجموعة قصصيةللقاصة : هيام علي
نقد” محمود حمدون “
صادرة عن : دار العلم للنشر والتوزيع
رقم إيداع : 2389/2019
عدد أوراق المجموعة : 104 ورقة عدا الغلاف .
عدد القصص : 49 قصة قصيرة.
=======
رؤية نقدية شخصية
محمود حمدون
” كيف ليّ أن أتخطى هذا الصمت بدون رفقة من أحب , كيف ليّ أن أثور , أن أغضب وأن أهدأ بدونك أنت “
لا تطمئن أبدًا لجواب يأتيك دون عنوان , لذا فعندما قرأت تلك الجملة التي بدأت بها رؤيتي لمجموعة ” أحلام ممنوعة ” وضح ليّ ذلك الحس المرهف للقاصة , تلك المشاعر الفيّاضة التي يضمّها غلاف ” أحلام ممنوعة ” هي عنوان صحيح وصريح عمّا تخبئه القاصة بين حكاياتها الرائعة التي تزخر بها المجموعة .
” هيام علي ” منذ أن عرفتها واستمعت إليها في ” نادي عائلة أوتار للقصة ” تمزج بحروفها بين واقع تعيشه الأنثى في مجتمعنا المعاصر , القلق الكامن وراء اختلاف النوع , ذلك القلق الذي يصبغ الحياة بلون حزين قاتم أحيانًا , يجعلنا في عز الفرحة المسرّة نردد مقولتنا الخالدة ” خير اللهم إجعله خير ” كأن الحزن أصبح رفيقًا نخشاه ونألفه معًا, نكرهه ثم نبيت في حضنه طوال ليالينا القاتمة .
” الصمت ” أحدى قصص المجموعة , لم استغرب تلك المقدمة السردية التي بدأتها ” هيام علي ” على لسان الرواي ,بقولها : ترددت كثيرًا قبل أن أكتب لأنني أعلم مسبقًا بأن لا أحد يستطيع أن يفهم ما اقوله , لكن قلت في نفسي لماذ لا أكتب وأنا منذ سنوات صامت أخرج من بيتي وأنا صامت , أدخل بيتي وأنا صامت , أتناول طعامي وأنا صامت , تحاول جارتي أن تتحدث معي , أنظر إليها وأنا صامت …خفت على نفسي أن أموت أيضا في صمت ولا يشعر بيّ أحد “
مقدمة أوضحت بجلاء ما يتعمل بنفسها الحائرة , وشت بإضطراب كبير ترى من خلاله العالم على حقيقته , بينما نحن نرفل في غفلة آنسنا إليها ..
الصمت رفيق وحارس , ليس صمت الحديث , بل ربما يكون المرء طلق اللسان , لكن كلماته لا تتجاوز طرف لسانه , بينما عتمة من صمت تلفّنا من الداخل … ما ابشع حسب قول راويها أن يموت المرء في صمت . وما أسوأ أن يصبح الهجران للدخل سبيلًا وحيدًا ومخرجًا بائسًا لا مناص عنه .
” أحلام ممنوعة “عنوان لافت للمجموعة , سوف يُدهشك بشدة كما فعل بيّ , لذا آثرت أن أؤخر الحديث عنها إلى حين , فهل للمرء أحلام ممنوعة ؟ سؤال طرحته فارتد لصدري وعقلي ككرة مطاطية بسؤال عكسي : هل المرء سوى جملة من أحلام مؤجلة بعضها يعجز عن تحققه لتُصبح ممنوعة ؟؟ كم من آمال ورؤى يرغب المرء بسنوات شبابه أن يحققها , أن يُمسك النجوم ليغزل منها عُقدًا فريدًا يطوّق بيه جيد الحياة , ثم بمرور الوقت تتضاءل أحلامه , فيدفنها في أعماقه أو يودعها جُبّا يحرص على تغطيته بحجر ثقيل …
هكذا أخذني العنوان , ردّني ردًا غير حميد لذكريات مؤلمة , فبعث من كان مطمورًا في الأعماق , قرأت المجموعة على مهل , فبعض قصصها مررت بها من قبل , لكن التأني في القراءة ضرورة لمن يرغب في التعرّف على حكايات ” هيام علي ” فسيجد قصصًا بطعم الأنثى المصرية الأصيلة , أدب يقترب من ” النسوية ” وإن كنت تخرج برشاقة لرحابة إنسانية , إذ تنقلك معها إلى عوالم صنعتها بنفسها وغزلت حروفها بأناملها الرقيقة فخرجت مجموعتها القصصية الأولى بلون مختلف , تركت بين أيدينا أمانة ,أيقظتنا برفق قائلة على لسان الرواي في قصتها ” الأمانة ” : أنا أعرفك من صورك التي شاهدتها مع والدك , وهو يتحدث عنك, هنا نسيت القطار ونسيت موعدي ولم أتذكر سوى كلامه معي وتأكيده عليّ بأن واليد بأن الأمانة وصلت , سألته ما هي ؟ فلم يجيبني , تركني في حيرتي وركب القطار , فاتني قطاري “
فتحت ضغط الأمنية والأمل ينسى المرء أشياء مهمة , يفوته قطاره , يغادره بينما يقف المرء على رصيف الحياة ينتظر ما بقي في صدره نفس .
التعليقات مغلقة.