موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

ربما يكون ثائراً.بقلم عصام الدين محمد أحمد

474

ربما يكون ثائراً.بقلم عصام الدين محمد أحمد

سألني المحيطون بي وعلي رأسهم زوجتي:

لماذا لم نرك علي شاشات التلفاز؟

أرد بتأفف:

الهدف أسمى من الشاشات.

يعلن أصغر أبنائي:

بابا سكن المقاهي طوال أيام الثورة .

أعلق مدعيا الابتسام:

لم تجافيك الحقيقة كثيرا.

أطفأت التلفاز، ارتديت بنطلونا وقميصا، صككت الباب خلفي بعنف، أقطع الشارع، تتكوم الزبالة في كل مكان، تزدحم أكشاك العيش ، تذكرت علي الفور أصداء الأصوات:

عيش. عيش.

الشارع تكتلات (تكاتك) متحركة ومتوقفة.

أمشي كالبهلوان، وأحيانا كالسكران، وفي الأغلب يتداخل المسلكان ليشكلا مظهرا فريدا لغوريلا أصابها الترنح، ويطاردها ليث كاد الجوع أن يهلكه.

أعبر كوبري الخشب العلوي، أظن أنني أحاكي مشهدا عتيقا، لم يغب عن مخيلتي، أصابني الارتعاش أكثر من مرة، خار عزمي، ولكن شيئا مزلزلا دفعني للمضي إلي الأمام، والآن أسلك ذات الدرب:

ربما أهدف إلي التطهر!

فعل عادي، ولا يخرج عن نطاق التكرار!

أمتطي المترو، ولا أهبط في حضرة السادات، أتخطاها إلي ديوان محمد نجيب، الحركة بميدان محمد فريد تهدأ، لم أقصد المقهي المشرفة علي المحطة، لم تغلبني الرغبة للانحراف إليها.

فاليوم أظن أنه فارق، أمر من باب اللوق متجها إلي الميدان، المترجلون اليوم قليلون، بيسير التركيز يمكنك حصرهم:

أيفيدك عدهم؟

يا سيدي من قبيل التسلية.

لا أخطط اليوم للانتكاس لسابق عهدي.

أتريد أن تصبح شخصا جديدا؟

أعتقد أن الوقت قد فات.

شارفت حياتك علي النهاية، أليس كذلك؟

تحترف الكذب منذ أمد، فكيف لي الوثوق؟

لا تحيرني رحم الله والديك.

أصل إلي الصينية، نبت بها النجيل ثانية .

أجلس كالسائح علي تخومها، تتري المشاهد أمام ناظري، ألفظها جميعها، الوصول إلي هذا المكان كلفني خمسين سنة كاملة.

انقضي العمر في حانوت الخيبة، لم أكن يوما فاعلا، دوما ألحق بذيل الجمل الفعلية.

لم أمر بحارة الطفولة، ولم أعبر جسر المراهقة، استيقظت فوجدتني هكذا.

أرتل الخطوات كعادتي صباحا ومساء، تشيعني الأزمات، لا يعنيك أن أكتوي أو أتثلج، ولكنها المسيرة، أتذمر علي مضض، أتمرد نادرا، ومع الزملاء أروي خيالا خصبا، يلتمسون النصيحة:

ها. هأ. خاب الطالب والمطلوب.

أطال المخرج العرض، فكاميرات الزووم ومشاهد العراء يقضون حتما علي جبال الملل.

حينما لمحت الأولاد في الشوارع انتفضت حقيقة، عدوت خلفهم، لحقت بهم، لا أجيد العراك، لا أرغبه، دثروني بأجسادهم وكأنني في المهد صبيا، لم أسأل نفسي:

لماذا شاركتهم المسير؟

انجذبت إلي تجمعهم، الأيادي الغضة تتحدي ماكينات التنكيل، تتناثر الدماء والدموع ، يسقط من يسقط، ولكنهم يتقدمون.

لا أعلم ـ يقيناـ من أي بئر يستمدون بأسهم، يتعملقون وغيرهم يتقزمون، تنطوي الأرض تحت أرجلهم، أعشقهم، تملكتني الحماسة والفتونة، صرخت:

لا ظلم بعد اليوم.

اقتحموا الأسوار وأنا في عقبهم، فُتح الميدان لهم، لم أستوعب الدرس بعد، أذرع ندية تكسر جلاميد القوم، بحة صوت تزلزل القصور والقلاع.

طوفان الأولاد يزيح المتاريس، طال اعتصامي أم قصر لا أهتم، يتعاقب الليل والنهار وأنا صامد، لم أستحلب المشهد كاملا، افترشت الأرض، التحفت السماء:

ها أنا بدأت ممارسة الكذب.

أعني أنني سهرت معظم الليالي ولم أغادر إلا في وقت متأخر.

وجودي جردني من قيود كبلتني سنوات، أي نعم هاجمتني مسيرتي بقسوة.

وقوفك كطفل ارتكب جرما أمام مستشار عمره لا يتجاوز سنوات خدمتك، يأمر، يشخط. ينفث في وجهك زفيرا منسوجا بالتوبيخ.

صوتك يرتفع في غيابه، وحينما يتسرب إلي المكان تنخرس مدعيا الاحترام والواجب الوظيفي، لم تتمكن يوما من الرد عليه.

وتعود إلي شقتك منفوش الريش ومنتصب العرف، كلما وخزني هذا الهاجس هجت كحصان البراري:

يسقط النظام.

تتجمع خلفي الحشود، تبح الحناجر، يغازلني الرهق، أهرع إلي المقهي، أتأمل الوجوه المقتنصة دقائق للراحة، ألطم الحروف المتناثرة، يدثر الغضب الأحاديث.

فجأة يقرر المخرج إزاحة الصورة، يستدعي الكومبارس، يطّعمهم بلاعبي الكرة والممثلين، ينصب موائد الأفراح من الأهرامات، ولأجل الفانتازيا يرفلون بصحبة الدواب، والمنتج أنفق بسخاء علي البهائم، علي أمل الاشتراك في مهرجان كان، جميعهم يحاصرون الميدان:

ماذا أفعل؟

أبحث عن شق للهرب، لا مجال متاح، فكل الأجواء رهينة الافتراس، أدور ك (سيد بيو) العبيط، العيال تقذفه بالطوب، وتهتف:

بيو. بيو.

وسيد لا يدري كيف يتصرف، ينحرف يمينا ويساراً والحجارة توجعه، ترجمه، أتفرج علي الرجل، لم أتطوع بالحماية، وكأنني منتش بالمشهد.

يهل أحمد الأمانة قادما من دوار العمدة، يرفل في جبته وجيوبه المنتفخة بالأوراق، يسقط ـ عنوة- في قلب الصورة.

لم يرتدع الأولاد عن الضرب، والكلاب تعزف نباحا تصويريا، يحاول سيد الاحتماء بعصا الأمانة، والأخير لا مجير له سوي التخبط.

تمطر السماء شعبا ، تتسع الرقعة، تتكاثر الكاميرات، المراسلون يتزاحمون، تفترش الخيام تضاريس المكان:

ياه… أكل هؤلاء لهم ثأر مع أنفسهم؟

أمعقول أن يفيض كيل الضياع بجمعهم؟

أسترد كياني، أتجول وكأنني حكيم الزمان.

المهندمون يركضون خلف الكاميرات.

انفصلت عن العالم الخارجي، ألتصقت أكثر بالأولاد، يغنون فأغني يرقصون فأرقص، يتفلسفون فأتفلسف، يلمون الزبالة فألم، يكنسون فأكنس.

أمتلأت منصة الاعتراف بالمذنبين، مليون حكاية وحكاية، الإعلان عن أسماء الشهداء يأجج النفوس، أحمل روحي بين أناملي، ثقيلة ولا أريدها، يقبض الجيش علي زمارة رقبتي:

أرأيت يا باشا أهميتك غير المسبوقة؟

الجيش بجلالة قدره يبحث عن رقبتك.

تفلت رقبتي من قبضة الضابط، أمسي التردد علي الميدان فرض عين:

ألم أقل أنك ستظهر كبطل من العصور الوسطى، آسف اقصد عصور المماليك؟

تصعد الصحراء، يطاردك الفرسان، تهصر رقابهم، ومن ينجو يركب الريح هرباً، والحين تسرد علي الربابة بطولاتك، وتأسيسك لدولة الصعاليك.

حتما ستنسي عجزك عن المواجهة، تخشى الركلات والعصي.

تتواجد في أماكن بعيدة عن الاشتباك، أي نعم مناظر التناطح جذابة، لا تنسى أن مجرد رؤية الجروح تصيبك بالغثيان، ويسافر بدنك إلي عوالم هائمة، صحيح أنك لم تر المشرحة إلا مرة واحدة، ولكن كيمياء العقل تبدلت بشمك عفن الجثث الملقاة، والتي لم تجد لها حيزا بالثلاجة، نثار اللحم والرؤوس ألحقوا بك ارتعاشات الرؤية والإغماء، فنصيحتي لك:

لا تدعي البطولات الزائفة.

تريث قليلا وخذا حذرك.

الموضوع بسيط يا حاج، من حقي التعبير عن مشاعري دون تدخل، فلماذا تترصد لي الحروف؟

تعبرني الساعات، ربما تسرب الملل إليك، ربما يطول الوقت بلا طائل، ولكنك أنفلت عقالك، تحررت، تتهمك زوجتك بالإدعاء، أظن أنها تعاشرك منذ عشرين سنة، ذبحت لك القطة، أليس كذلك؟

تكتم وجعك، لا تلبس الوجه الخشب، أصبحت بين يديها مستأنسا طائعا، حيثما تشير تجدك طوع البنان، فكرت جديا في الانفصال، يكبلك قانون إذعان الأزواج:

لماذا تتحدث نيابة عني؟

حتي لا تخدعنا بمعسول الكلام.

لا تغفل أنني لا استطيع الاستغناء عن الأنثي، فالجنس ملح لحياتي، ولا املك المال للزواج ثانية.

ألقي بطبق الطعام علي الحائط، هذا ما أملكه من فعل.

وحينما تكرر الفعل تعلمت ترك بقايا الطعام علي الحائط، وكأنه لوحة سريالية.

فامتنعت، يغيظني برودها، أخاف النوم جوارها:

ربما يطق نافوخها وتغمد السكين جازة رقبتي!

وفي الليل تدفني، الموضوع سهل. أمسي الليل كابوسا، يجافيني النوم، لا تنفعني القراءة، فالمصير المرتبك يترقبني، لا مفر من التعايش معها، والآن أقلب صفحة الولية، لأنفث كمدي في المظاهرات:

الشعب يريد اسقاط النظام.

أجوب الميدان، السماء ملبدة بالطائرات العمودية، تتراشق الوجوه بالحجج، تتعمم الوجوه بالحميمية، تصهرني الذكريات، أذوب في الواقع، أتحرش بامرأة، تجاورني المكتب، أتخلي عن وقاري، تتأذي اليد العابثة، يتسرب إليها الوهن، يخجلني اللحم الطري، ألهث كالكلب، تترقب الفضيحة مزيد من النزق، تتمزق الصورة:

ألم تشعر بالخزي؟

لا يا فالح.

الفضفضة لا تحكمها أخلاق.

تجرين، تطببن الجرحي، أنوثتهن تزحزح الجبال إلي قاع البحار، تخبلن العقول، فكرت في معاكستهن، ولا أدري لماذا أحجمت، عزفن ألحانا أججت النفوس، أستمتع بتحركهن، عبرتك سنوات جفاف هؤلاء في سن أولادك.

طال مشوار اتساخ الهدوم والجسد، ولحق الخواء جيوبك، ترددت أشاعة أن الكبير سيسقط الليلة، قلت في عقل بالي:

انتظر هذه الليلة.

الأجواء مشحونة جراء الاستقطاب، ركبني فرس العناد، فالوسخ لن يغير تركيبتك، والأفلاس يلاحقك منذ عشرين سنة، ودولاب الذكريات عطن:

لن أتزحزح وأتخلى عن الحلم.

لن أقول عبارات غليظة يا زوجتي، حينما أسترد كرامتي ساعود.

وجودي في الطرقات أفضل من تدثري بعباءة الذل، اسكتي لاأريد سماع صوتك.

أنصتي ـ ولو قليلا- إلي فحيح التذمر، الذي يشق صدري، سيغا در، سيفر بالخزائن.

وأنت خذي ما شئت من دفاتري.

أحتفظي بالبلاط والرطوبة.

اطمسي الذكريات.

الزعيم يستقوي بالرفات، يعتقد أنه باق، مازال العسكر يأملون النجاة.

الأولاد يتحركون، تحملهم أبدانهم إلي قصره المنيف.

ألم أصرح لك أن سبيل الوداد قطعته، أشعلت في نثاره اللهب، سأدعك تشعرين كما تشعرين، لم أشتق إليك، فالفراش الوثير أشواك .

يرج الأولاد الشوارع، يحملون بين ضلوعهم سعيراً.

يرفعون الرايات، بنات وصبيان وفي الخلف شيوخ.

يختبيء الكومبارس.

أصبح القصر ثكنة.

يأبي الأولاد الحياة.

تقذف جميع الشوارع شبابا.

الأسلاك الشائكة أقطان وحرير.

البارود حبات فول سوداني مقرمشة ولذيذة .

أغربي عن حياتي.

تمت بحمد الله

التعليقات مغلقة.