رجولة تتحدي القساوة بقلم /بوعون العيد
.رحَلتْ بي الساعة إلى هناك حيث معقل الأسود ومنبع الثوار ، هناك منبت القساوة ومأتى الرجولة الإباء و الصلابة والأنفة وبعد الهمة . ثمة كان للبيوت الحقيرة شأن وشأو وفي زواياها ولدت الفحولة حيث ضارعت الطفولة الرّجولة وأخذت بناصيتها و لبست من قشابيتها وبرنسها حلة يزدان بها البيت مهابة ووقارا ، وفي بهو المعاش كان يتكئ أمام بُيَيْتٍ أوإن شئت قل شبه مغارة لا تصُدّ ولا تردُّ عادية القرَّ ولفح الهجير. لقد افترش التراب والتحف السّماء وحدّق صوب البعيد بنظرة شرزاءَ تحاكي الليالي والنُّهر . حتَّى الطَّبيعة أخذت شيئا من وجْنتيه الورديتين وأضافت لهما نقِيع الحاجة والمعاناة . هو كذلك أسد هصور أرْبأَت نفسه أن تعيش مع الهَملِ ، لكأنه يُعلّل النفس بالآمال يرقبها رغم ضيق العيش لولا فسحة الأمل ، هي بقايا حياة امتدادها بحبل الأمل الذي بات معلقا على صخور تكدست و حاله تكرْدستْ، حتى الرَّائي يخاله في زمن غير زمانه لا هاتف ذكي يشغل باله ولا رفقة سيئة تجرُّه حيث قارعة الطَّريق ليملأها صخبا وجلبةً ، ولا مقهى يعكّر دخانها صفو رئتيه ووو..، استشرافه لغد كمن ينظر الجوزاء وهي ليست ببعيدة لمن سمى بلبّه ،وحلّق عاليا ، وجدّف مستشرفا ضفة غدٍ ملؤها الأحلام الضارعة والٱمال الواعدة ، ومن ذاك المكان القفر قصة طفل تكتب على جبين الذاكرة. ولعل من وحي المعاش دلالة يترجمها قول الشاعر :
ضِعافُ الأُسدِ أَكثرُها زَئيراً
وَأَصرَمُها اللَواتي لا تَزيرُ
لَقَد عَظُمَ البَعيرُ بِغَيرِ لُبِّ
فَلَم يَستَغنِ بِالعِظَمِ البَعير
التعليقات مغلقة.