موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

رحلة… فادية حسون

217

رحلة

فادية حسون

كعادتها روحي لا تزال معلّقة هناك.. وراء ذاك الشريط الشائك.. ترسم في الأفق البعيد.. ملامحَ رحلة خلبية التقاسيم.. إلى جوار قبر زوجي الحبيب…
فقد أعلنت جوارحي استسلامها لسطوة الشوق..
حشرت بين أوردتي آلافا من الأقلام الملونة..
يترأسها اللونُ الأسود كزعيم عصابة…
يقطّبُ حاجبيه على سبيل تصدير الهيبة والعنجهية ..
فترضخ كل الوان الفرح لجبروته… فيمتصّ بريقَها ..
ويشلّ حركتها..
ينفثُ ما بداخله من قتامة…
يلوّن بها أحجار قبره الصماء …
فتعترض باقي الألوان…
تنتظم في نسقٍ واحد..
مثلما يصطفّ اللاعبون أمام مرمى كرة القدم..
يستعدّون لصدّ الكرة…
هي ضربة جزاء يتيمة..
القلم الاسود يراوح في مكانه استعدادا لإصابة الهدف..
تندّ عن شفتيه ابتسامةٌ مغمّسةٌ بالغرور والتعالي ..
فهو يدرك أنه المستولي الأوحدُ على كل الألوان…
أطلقت أحلامي القابعةُ في علبة الألوان صافرةً توعزُ بالتسديد…
رجِعَ عدّةَ خطوات إلى الوراء…
ثم أقبل يركلُ الكرة بقدمه اليسرى .. ربما استخفافا واستهانة بحجم المباراة …وربما فرطُ غرورٍ استولى على كيانه..
إزداد التصاقُ الألوان ببعضها البعض …
ركلها بقوة…
أتت كرتُه بحائط الصدّ المزمجرِ أمام عينيه المفجوعتين …
تمردٌ غيرُ مسبوق…
علت أصواتُ جمهور الأمنيات المشجعين…
وخبا وهجُ الحبور المسيطر على حدقات مشجعي القنوط..
اشتعلَ الملعبُ بالتصفيق…
سقط القلمُ الأسود مغشيّا عليه يجترّ عصارة الخسارة والحماقة…
زغردت صافرةُ الحكم معلنةً انتصار الألوان الوردية…
فتهاوت أسطورةُ اللون الأسود…
وقررّ وأدَ نفسه تحاشيا لفضيحة الاندحار…
أمسكتُ بيديّ علبةَ الالوان بعدَ أن نبذتُ الأسودَ إلى غير رجعى.. وتابعت معهم رسمَ ملامحِ الرحلة بألوان مشرقة التفاصيل…
قطعتُ الحدود وأنا مغمضة العينين.. بلا ضوابط …
اجتزتُ الجبالَ المزدانةَ باليخضور.. وشجيرات الزعتر والبخور …
شممتُ عبقَ الصنوبر المعطّرِ بحبات المطر…
قطفتُ أثناء سيري باقةً من النرجسِ النابتِ باطمئنانٍ بجوارِ أحد البيوت المهجورة…
شممتُ عبقها الآسر…
ابتلّ وجهي برضاب القطرات التي استحمّت بها البتلاتُ البيض..
آآآآآآه كم اشتاقتك الأنوفُ يانرجس بلدي..
وهناك عند حافة الإسفلت تتمايلُ شجيراتُ الآس مشتاقةً ليدِ الروح تهزّ إليها بجزعها فتتساقط شوقا شهيّا ..
فأسارعُ لملءِ حفنتيَّ ببعض منها…
أصبّها في فمي دفعة واحدة … مثل صائمٍ سمع آذان المغرب فجأة وهو في ذروة الظمأ..
لم أبالِ بالغصات…
فحلاوةُ الآس في بلدي تقتلُ الغصاتِ وتعطّر الأنفاس…
وأخيرا وصلت…
أنخْتُ ناقةَ شوقي عند القبر…
كانت أحجارُه تعاتبني بود…
شعرتُ بوجهه يطلُّ من بين ذرات التراب..
كم اشتاقت روحي لتلك الابتسامة ..
تحادثنا كثيرا…
داعبتُ بيديّ التراب المبتلّ..
امتزجَ الطينُ بمساماتِ كفّي كأنه يرحب بي…
أخذتُ أصنعُ طوقًا من ورود النرجس…
زينتُ به سطحَ التراب الذي يحتويه …
سألني طيفُه باستغراب: لماذا لم يعد يسمعُ صوتَ مؤذن القرية…وصوتَ الأطفال أثناء ذهابهم من والى المدرسة..!
لماذا يبست أعوادُ الآس فوق قبره وأصبحت كحارسٍ كفيف البصر..
وكيف تمرّ الأعيادُ دون أن يزورَ أحدٌ قبرَه ويغرسَ بعضَ الرياحين..ويتلو الفاتحةَ متبوعةً ببعض الأدعية..
صممتُ أذنيّ بسبابتيّ عن أسئلته التي قصمت ظهر اللوحة … وبقرت بطنَ غيمةٍ حُبلى بالدموع استقرّت في مقلتيّ…
ألقيتُ بباقي الزهور على قبره مودعة..
بينما دموعي كانت تتولى الردّ على أسئلته الكاوية…
فلم أشأ أن أفجعه بحقيقة نزوحِ الكائنات والأرواح من حوله…
عدتُ أدراجي بقلبٍ باك..
فلمحتُ من بعيدٍ قلمًا أسودَ يناولني رايةً بيضاءَ أقعدتني أرضا

فادية حسون

التعليقات مغلقة.