موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

رحلة في حياة سعد بن معاذ

217

رحلة في حياة سعد بن معاذ


بقلم / محمــــد الدكــــرورى

سعد بن معاذ بن النعمان بن امرئ القيس الأنصاري الأشهلي، يكنى أبا عمرو ، وأمه فهي كبشة بنت رافع بن عبيد بن ثعلبة، لها صحبة، فقد أسلمت وبايعت رسول الله ، وماتت بعد ابنها سعد بن معاذ ، وأما عن صفات سعد بن معاذ الخَلْقية : فقد كان سعد من أطول الناس وأعظمهم، وكان رجلاً أبيضَ جسيمًا جميلاً، حسن اللحية ، وأما عن حال سعد بن معاذ في الجاهلية : فقد كان سيد قومه ، ورئيس الأوس وزعيم قبيلة بني عبد الأشهل، وكان صاحبًا لأمية بن خلف القرشي، الذي قُتل في بدر كافرًا، وكانت قبيلة بني قريظة موالية له ومن حلفائه.

وقد أسلم سعد بن معاذ قبل الهجرة بعام، وكان عمره عند الإسلام واحدًا وثلاثين عامًا ، فلما حضر الموسم حج نفر من الأنصار، فأتاهم رسول الله فأخبرهم خبره الذي اصطفاه الله من نبوته وكرامته وقرأ عليهم القرآن، فلما سمعوا قوله أنصتوا واطمأنت أنفسهم إلى دعوته، وعرفوا ما كانوا يسمعون من أهل الكتاب من ذكرهم إياه بصفته وما يدعوهم إليه، فصدقوه وآمنوا به وكانوا من أسباب الخير ، إذ رجعوا إلى قومهم فدعوهم سرًّا، وأخبروهم برسول الله والذي بعثه الله به ودعا إليه، حتى قلَّ دار من دور الأنصار إلا أسلم فيها ناس لا محالة، ثم بعثوا إلى رسول الله أنِ ابْعَثْ إلينا رجلاً من قِبلك فيدعو الناس بكتاب الله ، فإنه أدنى أن يتبع.

فبعث إليهم رسول الله مصعب بن عمير ، فنزل في بني غنم على أسعد بن زرارة ، فجعل يدعو الناس سرًّا، ويفشو الإسلام ويكثر أهله ، ولقد أسلم سعد بن معاذ في المدينة على يد سفير الإسلام مصعب بن عمير ، ولما أسلم سعد قال لبني عبد الأشهل: كلام رجالكم ونسائكم عليَّ حرام حتى تسلموا ، فأسلموا، فكان من أعظم الناس بركةً في الإسلام، وشهد بدرًا وأُحدًا والخندق .

أما زوجته فهي هند بنت سماك بن عتيك بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل الأنصارية، عمة أسيد بن حضير ، وكانت أولاً عند أوس بن معاذ فولدت له الحارث بن أسلم وشهد بدرًا، ثم خلف عليها أخوه سعد بن معاذ فولدت له عبد الله وعمرو، وأسلمت وبايعت.

إن من سادة الأنصار الذين نصروا الله ورسوله، شاب صالح ، وقائد رائد ، وهمام ضرغام ، تسابقت الملائكة للصلاة عليه ، واهتزّ لموته عرشُ الرحمن ، ولمَّا يَبْلغ الأربعين، إنه الصادق الصدوق ، عدو اليهود ، وسيد الأوس سعد بن معاذ، رضي الله عنه وأرضاه، أسلم قبل هجرة النَّبي صلى الله عليه وسلم بعام تقريباً، فلما أسلم وقف على قومه ، فقال: يا بني عبد الأشهل ، كيف تعلمون أمري فيكم؟ قالوا: سيدنا وأيمننا نقيبة، فقال: فإن كلامكم عليَّ حرام، رجالكم ونساؤكم، حتى تؤمنوا بالله ورسوله، فما بقي رجل ولا امرأة في دار بني عبد الأشهل إلا وأسلموا، فكان من أكثر الصحابة بركة على قومه رضي الله عنه.

فقد ملك قلوبَ قومه بخلقه، فأحبوه ، ولما أحبوه أطاعوه ، أحبوه ، لأنه كان قوياً من غير عنف، ورحيماً من غير ضعف، استجابوا له ، لأنهم عرفوا صدقه معهم، وحبّه للخير لهم، وما أجمل الداعي إلى الله حين يقتفي سيرة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ، وصحبه الكرام في دعوتهم ، فإنها النبراس والأسوة ، ولقد كان سعد رضي الله عنه قوياً ذا عزة ومنعة في الجاهلية، وزادَه الإسلامُ عزَّةً ومنعة، وأن سعداً ذهب إلى مكة معتمراً، فنزل على أمية بن خلف ، وكان أمية ينزل على سعد إذا مرّ بالمدينة لتجارته بالشام ، فقال له: انتظر حتى إذا انتصف النهار ، وغفل الناس طفت.

فبينما سعد يطوف إذ أتاه أبو جهل، فقال: من الذي يطوف آمناً؟ فقال: أنا سعد ، فقال أتطوف آمناً، وقد آويتم محمداً وأصحابه؟ قال نعم، فتلاحيا ، فقال أمية: لا ترفع صوتك على أبي الحكم ، فإنه سيد أهل الوادي ، فقال له: والله لو منعتني لقطعت عليك متجرك بالشام ، فردّد عليه أمية مقولته ، فغضب سعد ، وقال: دعنا منك ، فإني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يزعم أنه قاتلك ، فقال أمية:إياي؟ قال: نعم ، فقال: والله ما يكذب محمد، فقتله الله تعالى في بدر”.

ولقد كانت لسعد في الإسلام مواقف عظيمة وخالدة ، فمن ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما أراد الخروج لبدر استشار الناس ، فتحدث أبو بكر ، والمقداد بن عمرو من المهاجرين ، فقالوا: خيرًا ، فدعا لهم النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال: ” أشيروا علي أيها الناس”، فقال سعد بن معاذ ، وهو سيد الأوس ، والله كأنك تريدنا يا رسول الله؟ ” قال: “أجل”، فقال سعد: فقد آمنَّا بك وصدقناك ، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة لك .

فامْضِ يا رسول الله لما أردت، فنحن معك، فو الذي بعثك بالحق ، لو استعرضت بنا البحر فخضته، لخضناه معك، ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غداً، وإنا لصُبْرٌ في الحرب، صُدْق عند اللِّقاء، لعل الله أن يريك منّا ما تقرُّ به عينُك، فَسِرْ على بركة الله، فو الله يا رسول الله، لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى: اذهب أنت وربك فقاتلا، إنا هاهنا قاعدون، لكن اذهب أنت وربك فقاتلا ، إنا معكما مقاتلون، والله لو استعرضت بنا برك الغماد وخضته ، لخضناه معك ، فَسُرَّ النبي الكريم صلى الله عليه وسلم بقوله ، ونشط للخروج ، فنعم المستشير ، ونعم المستشار.

وفي غزوة أحد ، وعندما تشتت المسلمون تحت وقع الباغتة الداهمة التي فاجأهم بها جيش المشركين، لم تكن العين لتخطئ مكان سعد بن معاذ ، ولقد سمّر قدميه في الأرض بجوار رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يذود عنه ويدافع في استبسال هو له أهل وبه جدير ، وجاءت غزوة الخندق ، لتتجلى رجولة سعد وبطولته تجليا باهرا ومجيدا ، وغزوة الخندق هذه ، آية بينة على المكايدة المريرة الغادرة التي كان المسلمون يطاردون بها في غير هوادة ، من خصوم لا يعرفون في خصومتهم عدلا ولا ذمّة.

فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه يحيون بالمدينة في سلام يعبدون ربهم ، ويتواصون بطاعته ، ويرجون أن تكف قريش عن إغارتها وحروبها ، إذا فريق من زعماء اليهود يخرجون خلسة إلى مكة محرّضين قريشا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وباذلين لها الوعود والعهود أن يقفوا بجانب القرشيين إذا هم خرجوا لقتال المسلمين ، واتفقوا مع المشركين فعلا، ووضعوا معا خطة القتال والغزو ، وفي طريقهم وهم راجعون إلى المدينة حرّضوا قبيلة من أكبر قبائل العرب ، هي قبيلة غطفان واتفقوا مع زعمائها على الانضمام لجيش قريش.

وضعت خطة الحرب ، ووزعت أدوارها ، فقريش وغطفان يهاجمان المدينة بجيش عرمرم كبير ، واليهود يقومون بدور تخريبي داخل المدينة وحولها في الوقت الذي يباغتها فيه الجيش المهاجم ، ولما علم النبي الكريم عليه الصلاة والسلام بالمؤامرة الغادرة راح يعدّ لها العدّة ، فأمر بحفر خندق حول المدينة ليعوق زحف المهاجمين ،
وأرسل سعد بن معاذ وسعد بن عبادة إلى كعب بن أسد زعيم يهود بني قريظة ، ليتبيّنا حقيقة موقف هؤلاء من الحرب المرتقبة ، وكان بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين يهود بني قريظة عهود ومواثيق.

فلما التقى مبعوثا الرسول بزعيم بني قريظة فوجئا يقول لكم: ليس بيننا وبين محمد عهد ولا عقد”..! فعز على الرسول عليه الصلاة والسلام أن يتعرض أهل المدينة لهذا الغزو المدمدم والحصار المنهك ، ففكر في أن يعزل غطفان عن قريش ، فينقض الجيش المهاجم بنصف عدده ، ونصف قوته ، وراح بالفعل يفاوض زعماء غطفان على أن ينفضوا أيديهم عن هذه الحرب ، ولهم لقاء ذلك ثلث ثمار المدينة ، ورضي قادة غطفان ،ولم يبق إلا أن يسجل الاتفاق في وثيقة ممهورة.

وعند هذا المدى من المحاولة ، وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ لم ير من حقه أن ينفرد بالأمر ، فدعا إليه أصحابه رضي الله عنهم ليشاورهم ، واهتم الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام اهتماما خاصا برأي سعد بن معاذ ، وسعد بن عبادة ، فهما زعيما المدينة ، وهما بهذا أصحاب حق أول في مناقشة هذا الأمر ، واختيار موقف تجاهه ، فقصّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهما حديث التفاوض الذي جرى بينه وبين زعماء غطفان ، وأنبأهما أنه إنما لجأ إلى هذه المحاولة ، رغبة منه في أن يبعد عن المدينة وأهلها هذا الهجوم الخطير ، والحصار الرهيب.

وتقدم السعدان إلى رسول الله بهذا السؤال: يا رسول الله ، أهذا رأي تختاره ، أم وحي أمرك الله به”؟؟ فقال الرسول:” بل أمر أختاره لكم ، والله ما أصنع ذلك إلا لأنني رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة ، وكالبوكم من كل جانب ، فأردت أن أكسر عنكم شوكتهم إلى أمر ما” وأحسّ سعد بن معاذ أن أقدارهم كرجال ومؤمنين تواجه امتحانا ، أي امتحان ، هنالك قال:” يا رسول الله ، قد كنا وهؤلاء على الشرك وعبادة الأوثان لا نعبد الله ولا نعرفه ، وهم لا يطمعون أن يأكلوا من مدينتنا تمرة ، إلا قرى ، أي كرما وضيفة ، أي ، بيعا.

أفحين أكرمنا الله بالإسلام ، وهدانا له ، وأعزنا بك وبه ، نعطيهم أموالنا ؟؟ والله ما لنا بهذا من حاجة ، ووالله لا نعطيهم إلا السيف ، حتى يحكم الله بيننا وبينهم”..!! وعلى الفور عدل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رأيه ، وأنبأ زعماء غطفان أن أصحابه رفضوا مشروع المفاوضة ، وأنه أقرّ رأيهم والتزم به ، وبعد أيام شهدت المدينة حصارا رهيبا ، ولبس المسلمون لباس الحرب ، حتى أعزهم الله ونصرهم .

ومن بعض مواقف الصحابي الجليل سعد بن معاذ رضي الله عنه مع الرسول صلى الله عليه وسلم ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعوده في مرضه ، فعن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب على سعد بن معاذ خيمة في المسجد ليعوده من قريب ، وكان يفطر عنده ويدعو له بقوله صلى الله عليه وسلم ” أفطر عندكم الصائمون ” وعن عبد الله بن الزبير قال: أفطر رسول الله عند سعد بن معاذ ، فقال: “ أفطر عندكم الصائمون، وأكل طعامكم الأبرار، وصلت عليكم الملائكة”.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” اهتز العرش لموت سعد بن معاذ من فرح الرب عز وجل ” والله عز وجل إذا قدم عليه أحد من عباده الصالحين الذين أبلوا في الله بلاءً حسناً، فإن الله عز وجل يفرح فرحاً شديداً بقدوم عبده عليه، يفرح بقدوم عبده أشد مما يفرح أحدنا بقدوم الغائب العزيز عليه من مكان بعيد، وقد طالت فترة الغياب، وإن الله يفرح بقدوم عبده عليه، لماذا أيها الإخوة؟ لكي يجازيه الجزاء الأوفى.

هؤلاء المسلمون الصادقون الأوفياء يتعبون في الدنيا، وينصبون كثيراً، يتعبون كثيراً ويؤذون في الله، والله عز وجل ينتظرهم بفرح شديد لكي يكافئهم فيستريحوا من عناء الحياة الدنيا، ويستريحوا من لأوائها ونصبها وتعبها، يستريحوا عند الله تعالى، هذا الفرح ليس لأي أحد! إنه لأناس آمنوا بالله وصدقوا المرسلين، أبلوا في الله بلاءً حسناً، وقالت عائشة رضي الله عنها تبين الفراغ والقيمة، قيمة فقد سعد بن معاذ ، قالت: (ما كان أحد أشد فقداً على المسلمين بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه أو أحدهما من سعد رضي الله عنه) وما شعر المسلمون بمصيبة في فقد أحدٍ منهم بعد الرسول وأبي بكر وعمر بعدهم مباشرة كـسعد بن معاذ رضي الله عنه.

وإن رحيل الأخيار عن الأرض وعن المجتمع المسلم يترك فراغاً مؤثراً في الأمة ، وإن رحيل الكبار يترك فراغاً في النفوس، وألماً لفقد هؤلاء الذين كانوا في حياتهم مشعلاً يستضيء به الناس، وقدوة يحتذي بها المسلمون، فلذلك فإن إحياء ذكراهم، ونشر سيرتهم العطرة من أقل الواجبات تجاههم، ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستغل وفاة سعد بن معاذ حتى في توضيح نعيم الجنة، فعن أبي إسحاق، قال: سمعت البراء رضي الله عنه يقول: ” أُهديت إلى النبي صلى الله عليه وسلم حلة حرير فجعل أصحابه يمسونها ويعجبون من لينها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتعجبون من لين هذه؟! لمناديل سعد بن معاذ في الجنة خير من هذه وألين ” . رواه البخارى ومسلم .

التعليقات مغلقة.