” رسمنة الاقتصاد السرّي “… محمود حمدون
” رسمنة الاقتصاد السرّي “
محمود حمدون
على وزن ” رقمنة الاقتصاد ” أو ” العمل الاداري الحكومي ” نواجه بقضية موازية تستدعي العمل عليها , وهي الغموض المصاحب لحجم وطبيعة الاقتصاد غير الرسمي المصري , ونعني به جملة الدخول المتحصلة أو الناتجة عن أنشطة اقتصادية لا حصر لها لا تعرف عنهها الدولة شيئًا أو معلوماتها ضئيلة للغاية , وإذا كان أي نشاط اقتصادي على أرض مصرية يخضع لضرائب ورسوم تحصل عليها الدولة لمواجهة التزاماتها فإن الأنشطة الاقتصادية غير المرئية , تجهلها الدفاتر الرسمية للدولة .
وتشير التقديرات إلى أن حجم العمالة بالقطاع الاقتصادي غير الرسمي يبلغ قرابة 50% من جملة القوة العاملة الحالية , وبشكل خاص في النشاطات الاقتصادية الزراعية , ونسبة أكبر تقترب من ال60% على مستوى كافة القطاعات والأنشطة غير الرسمية , وهي نسب وأرقام مفزعة تلقي الضوء على حجم إيرادات يراها البعض تقترب من أربعة تريليون جنيه مصري سنويًا , غير مدرجة بالحسابات القومية ولا تتحصّل الدولة منها على اي رسوم أو ضرائب أو غيرها , بالتالي فالاصلاح الاقتصادي المصري كبرنامج بدأ في نوفمبر 2016 , يستدعي مواجهة ذلك النوع من الاقتصادات التي تنمو فقط في البلدان التي يغيب فيها دور الدولة الرسمية , حيث نرى قطاعات تتحمل وزر واعباء الاصلاح وتدفع الضرائب والرسوم العالية وأخرى تعمل من تحت السلم تراها الدولة رأي العين وتغض الطرف عنها .
التخيّل المبدئي على فرض أن جملة الضرائب والرسوم وغيرها المتوقع تحصيلها ما بين 15-20% من إجمالي الاقتصاد غير الرسمي ( 600-800 مليار جنيه سنويًا ) وهو رقم مفزع لو تحقق فعليَا لأمكن علاج عجز الموازنة العامة للدولة , ولحُلت مشكلات كبيرة أخطرها الزيادة المضطردة في الاعباء والتكاليف على الفئات سيئة الحظ التي أحكمت الدولة قبضتها الضريبية عليها .
لذا فالمطلب الرئيس أن تتخذ الدولة خطوات جادة ” لرسمنة ” كافة الانشطة الاقتصادية غير المدرجة بدفاتر الدولة الرسمية , ضرورة تبنّي مشروع جديد لدمج هذه الأنشطة على تنوّعها وتباينها في الاقتصاد الرسمي فالعدل أن يتحمل الجميع عبء إدارة الدولة ومن اللاعدل أن تخضع أنشطة لأعباء وأخرى تغيب عنها شمس الدولة ..
التعليقات مغلقة.