رعب أكبر من هذا د.أحمد دبيان
رعب أكبر من هذا د.أحمد دبيان
أرجو ألا يثير العنوان الدهشة فلقد عنونَّا واستهللنا المقال بعجز بيت الشعر الوارد فى مسرحية ليلى والمجنون للشاعر الكبير الراحل صلاح عبد الصبور .
( يا أهل مدينتنا
هذا قولي
انفجروا أو موتوا
رعبٌ أكبرُ من هذا سوف يجيء
لن ينجيَكم أن تعتصموا منهُ بأعالي جبل الصمت…أو ببطون الغابات
لن ينجيَكم أن تختبئوا في حجراتكمو
أو تحت وسائدِكم…أو في بالوعات الحمَّامات
لن ينجيَكم أن تلتصقوا بالجدران
إلى أن يصبح كل منكم ظلا مشبوحا عانقَ ظلا
لن ينجيَكم أن ترتدُّوا أطفالا
لن ينجيَكم أن تقصر هاماتكمو حتى تلتصقوا بالأرض
أو أن تنكمشوا حتى يدخل أحدكمو في سَمِّ الإبرة
لن ينجيَكم أن تضعوا أقتعة القِرَدة
لن ينجيَكم أن تندمجوا أو تندغموا
حتى تتكون من أجسادكمُ المرتعدة
كومةُ قاذورات
فانفجروا أو موتوا
انفجروا أو موتوا )
ومع توقيع اربعين ألف لبنانى لعريضة تطالب بعودة الانتداب الفرنسى أو الإحتلال المباشر ، ومع التمهيد منذ سنوات التيه والإغتراب السبعينية لقطرية المواجهة والإنعزال .
ورغم ان الغرب يتعامل معنا كرقم واحد فى معادلاته ويصدر لنا فلسفات التفكيك والسلفية الدينية فى خط متواز مع السلفية الحضارية القطرية وأدواته كومبرادور ثقافى إخترق الفكر والوعى ، لتظهر دعوات الفينقية والفرعونية والنوبية والبربرية والأمازيغية، كدعوات حلحلة وتفكيك فى المقام الأول يصاحبها ومع ايديلوجيات معاول الهدم لاى هوية الدعوات المشبوهة الممزقة للتاريخ الوطنى والإستقلال والتحرر من عودة للملكية وبالتبعية للخضوع للإحتلال ، سواء كان هذا الإحتلال مسمى بالعثمانى أو الألبانى أو الإنجليزى ، أو الفرنسى ولنغرق فى تيه حضارى مصدر ممزق لكل ثوابت التاريخ السياسى أو الجغرافيا السياسية المتناغمة مع الجغرافيا الثابتة .
هل ندرك ويدرك النظام السياسى القائم الكلفة الفادحة لتلك الصفحات المشبوهة والممولة من أجهزة استخبارات التركى أو القطرى والخليجى والصهيونى ، على الأمن القومى المصرى التاريخى وتفتيتها الممنهج للوعى وللذاكرة .
هل ندرك ويدرك النظام السياسى الحاكم المستمد شرعيته كنظام جمهورى من شرعية التأسيس لثورة ٢٣ يوليو ، الكلفة الفادحة لأحاديث السموم الموجهة المجملة لفترات الملكية تحت الإحتلال والتى كان تسعون بالمائة من الشعب يرسفون فيها تحت وطأة الفقر والجهل والمرض والإحتلال لينعم من العشرة بالمائة الباقين نصف مهيمن على المقدرات متعاون مع الإستعمار والحكم الخاضع له والذى يخرج أحفاده اليوم والمتمسحين بهم من أجل التجميل الطبقى ليستخدمهم الإستعمار وأبواقه بصورة مباشرة او بتعاطف الجهل ليجملوا تلك الفترات القبيحة من التاريخ المصرى ويستدعونها كفردوس أرضى منعم زائف .
هل ندرك ويدرك النظام السياسى القائم أن حادثة المكارى والمالطى وايجاد التبرير للغزو والتدخل لا تحتاج الا شريحة عريضة يتم اختراقها بهذا النهج لتخرج وتوقع عرائض لإستدعاء التركى أو الألبانى أو البريطانى بإعتبار أن تلك الفترات الذهبية زوراً هى الحل لمشاكل مصر المزمنة الناجمة عن انتهاب ممنهج حدث فى فترات الإحتلال البريطانى والتركى والنظام الإقتصادى الإحتكارى بأفراده الذى تم اصطناعهم منتفعين ، ناهبين ومروجين لهذا الحنين الطفيلى الممزق لأواصر الوطن ومفرداته .
هل ندرك ويدرك النظام السياسى اليوم وقبل غداً ان معركة الوعى الذى تم تجريفه وتغييبه عمداً فى سبعينيات التصحر والتجريف والذى قادته أموال النفط وأذرعه من عناصر الإسلام السياسى صارت من أهم معارك الأمن القومى المصرى والعربى والذى هو شئنا أم أبينا ساحة ميراث محيطنا الجغرافى بتفاعلاته والتى لا تستقيم معادلتها التاريخية إلا بمصر تابعة غير متقزمة أو متبوعة .
هل ندرك ان الترويج للملكية وليبرالية الفساد المهيمن والممنهج لتدخلات القوى المنتفعة الخارجية بذراعها الوكيل الداخلى قد صارت وحشاً يقوض ليفاتيان هوبز مقطعاً لأوصاله ككيان يفرض هييته داخلياً وخارجياً .
هل ندرك ويدرك النظام السياسى ان ترك الحبل على الغارب لهذه التعاطيات التى قد تبدو عفوية وأحاديث شيوخ أو مصاطب تأتى عرضاً أو فى سياق التجميل الطبقى لمنتفعين أو إنتهازيين إستفادوا من الحراك الإجتماعى لثورة التأسيس هى أخطر مهدد لكيان الدولة المصرية لأنها وببساطة تمزق الماضى المؤسس للوعى مصوبة حرابها للمستقبل .
هل يدرك النظام بأن صرخة الشاعر لا زالت تدوى فى يومياته المخطوطة قلماً مخاطباً جودو سيدنا الغائب الحاضر العابر للمستقبل :
إما أن تدركنا قبل الرعب القادم أو لن تدركنا بعد .
هل ندرك أو يدرك المخلصون قبل ان يوقع المتهافتون عرائضهم المسنونة طلباً لإستدعاء التركى او الألبانى أو البريطانى ان الرعب القادم قد صار قاب قوسين أو أدنى وان المعركة بساحتها الجغرافية لن تبقى على المصرى أو السورى أو العراقى أو اللبنانى أو الفلسطينى أو الإماراتى أو الجزائرى وأن القوس سيظل مفتوحاً يتلقى حجارة السجيل ولن يتم اغلاقه أبداً الا بعد أن يحيا الما بين فراغاً مؤجلاً لعصف مأكول ، وليعلو الصهيونى فى مملكته الخرافية بهامشيحه العنصرى ويستعبد الأمة الغبية التى غيرهم الله بها كما هو موجود فى توراتهم تحت دعاوى انهم ودولتهم المزروعة غصباً أدوات التحضر وواحة الديمقراطية والحضارة كما يروج مستعربوهم المنتشرون فى الساحات الثقافية وعلى منصات التواصل .
هل يأتينا طائر الفينيق بقبس اللهب المقدس للمعرفة والإدراك قبل أن يدركنا الرعب القادم أم انه قد صار حتماً لا فرار منه الا بنوح جديد وجودى بعيد ؟!!!
التعليقات مغلقة.