رعشة أخيرة
بقلم أحمد البدري
(ربما كان هذا أخر فنجان قهوة.. سأحتسيه)، تخرج منه الكلمات متقطعة بطيئة، وهو يلوكها أو يمضعها بأسنانه المتهالكة، على مايبدو يريدلها الخروج الأمثل ، تهمل قليلا وهو يسحب أنفاسه الثقيلة المختلطة برائحة القهوة، نظر إليهم تفحصهم جميعا .. كأنه يلقي برسائله أختلفت الرسائل من شخص لأخر، أجادت عيونه البوح .. لكنهم لم يحسنو التلقي ، ربما خرجت من أحدهم بسمة شاردة باهتة خارجة من نفس مكلومة، عادت كلماته كالسهام تخترق صدورهم برغم بطئها، الرعشة تزحف على فنجان القهوة.
إنتابته الطمأنينة عندما لمح ظل الطبيب المعالج يقترب من سريره، كلمات الطبيب لم تكن حازمة كالمرات السابقة، أصبحت عادة يومية يسمعها منه، حتي أدمنها، صارت بالنسبة له مقدمة لوجبة جديدة من المحاليل والأقراص المهدئة، ولكنها خرجت متدفقة بحنان لم يعهده في حياته من أحد، لم يرتاب في امر الطبيب حين تلاقت العيون، سخونة انتشرت في أطرافه مع تلامس أنامل الطبيب لجلده ناصع البياض وقد غزا اللون الاصفر جزء لا بأس به منه، عندما شرعت ذات الرداء الأبيض في حقنه أستسلم لها دون أن ينبذ بحرف، على غير العادة لم يغازلها هذه المرة ، لم تطلق ضحكتها المزهوة بكلماته، تركت هي الأخرى لدموعها البوح بما أحست.
خرجوا جميعا يتقاسمون ما ترك خفله، تعالت أصواتهم في الخارج ، أشتد عراكهم وهم يتخيرون، كل منهم يريد لنفسه الأجمل والأثمن دون غيره .
جسده يهتز ببطء شديد، صدره يعلو ويهبط في صراع شديد بين اجهزة التنفس التي تحاول أرسال الحياة إليه وبين رئيته الرافضة أي غريب يخترق صمتها أو يهتك راحتها.
التعليقات مغلقة.