موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

رغيفا خبز بالدم … بقلم عصام الدين محمد أحمد

439

رغيفا خبز بالدم … بقلم عصام الدين محمد أحمد

أجلس أمام التلفاز؛ أدخن المعسل أتجرع الشاي، وأشاهد.

الكاميرات تعرض الخراب والدمار، وأنا أشاهد.

أفكر:

ما الذي بيدي ؟

أأدع المشاهد وأسكب المياه على عقلي المتقد؟

أأعد كوبا من القهوة المرة أم أتناول الطعام الطازج؟

لا أخفيك سرا؛ فالعقل ينغزني، والفكر المرتبك يزلزلني!

أأكتفي بالمتابعة أم هناك أختيارات أخرى؟

لا تظن أن الفقر يعيبني، وأيضا لا يمثل لي منغصا ما، ولكنه الواقع الذي أقعدني هكذا عاجزا عن فعل أي شيء، ها هو المشهد يسلبني من التحليل:

يحملون جثمان فوق عربة كارو،يلفونه ببطانية، يتشبث الرجل بلجام الحصان بيده اليمنى، وباليسرى يضرب الحصان بالعصا، يحثه على العدو، بهبط على الأرض ثم يصعد ثانية، خلف العربة العشرات بل المئات يهرولون، تطارردهم الشظايا المتراشقة يمينا ويسارا، يتفرقون بعيدا، يعودون والموت يلاحقهم، يمرق الحصان بعربته كالضوء الوامض، وكأنه يدرك خطورة الموقف، تنهار البيوت محترقة بالقنابل ، البيوت منذ لحظات كانت قائمة على جنبات الطريق.

تنقطع الصور،وتنتقل الكاميرا للاستوديو.

ها أنا أرتشف بقايا الشاي المر، لا أدري ما الذي لحق بالجثمان والمشيعين، تساءلت:

لماذا لا يتركون المهمة للحصان الذي نقل مئات الشهداء إلى المقابر منذ أسبوع؟

أنهض من عثراتي، أقطع الصالة طولا وعرضا، لا أعرف جغرافية المكان لأنصح الحصان بخطة هروب، وكأنه سيسمعني وينصاع لنصحي، وكيف يفهم؟

أتموضع ثانية فوق مرتبة الأسفنج؛ مدككة بالأشواك،أحاول تجنب الغزغزة، أتقّلب، لا شيء يفيدني البتة:

الشاشة- الآن- مكتظة بالجثث، أطفال ونساء وشيوخ والمذيع يندد بالقصف، كأن النظارة سينتفضون متأثرين بحروفه.

يا بوي ..نافوخي طق، وعقلي شت!

كاد الجنون يحتويني، أهذي بكلمات متشظية لا أعي منها حرفا.

انتظر برهة حتى أقرأ الخبر:

استشهاد المشيعين لذويهم أثر استهدافهم بالقذائف .

آه..آه..أموات يودعون أمواتا!!

بأي شريعة أحرقوهم؟

أبحار الدم ناموس الألواح؟

حرك الكاميرا، ابتعد قليلا، فالمشاهد مروعة؛ فالدم ونثار اللحم والركام يفترشون كل الأرض.

لماذا تبتغي الابتعاد عن الصورة؟

لماذا تسعى للخدر؟

لماذا الهروب؟

فلتشهد الصور كاملة، فلتعان مثلما يعانون.

ابتر لسانك حتى لا ينطق حروفهم، اغلق التلفاز.

تتحجج بالعجز والجبن؛ فما أيسر التبريرات في زمن مُبتلى بمعاصريه!

أدير المؤشرهربا:

فرن من الحديد لطهو الخبز جوار سور مدرسة الفاخورة، على يمينه بقايا طاولة من الصاج، على يساره رغيفا خبز ملوثان بالدم، وبقايا نساء لم تُجمع في أكياس الموت بعد.

المذيع لا تسعفه الحروف ، كيف يصف الجثث المنثورة فوق الأرض؟

أيمكنه استكناه قلة حيلة هؤلاء السيدات قبل أن تحصدهم الدانات؟

من المؤكد وراء كل سيدة حكاية؛ فماذا يعرف عن هذه المسيرة؟

أيعلم شيئا عن أحلامهن قبل أن توؤدن؟

أيترسم واقعهن المزري حيث لا ماء ولا كهرباء ولا طعام؟

أيترجم خوفهن على فلذات أكبداهن ؟

أنىّ له البيان؟

كبف يسيطر على شعوره بعيدا عن شلالات الدموع وفيوضات الآهات؟

ها هو المشهد ينتقل بنا إلى ساحة مشفى الشفاء، عشرات الأكفان البيضاء على يمين المدخل، يرفعونها فوق سيارة نصف النقل، يكومون الجثامين بعضها فوق البعض، المذيع يعلن:

المقابر غير متوفرة، سينقبون عن مواضع قدم بالنصيرات والبريج والمغازي ودير البلح، ربما يجدون موضعا لأجسادهم !!

تتحرك السيارة والذهول يكتنف الناس الحيارى والمأفونين.

بالريموت ألون الشاشة بالسواد، أحتاج سنوات حتى أستوعب ما يحدث!!

أنزل إلى الشارع، مظاهر الحياة الرتيبة لم تتغير بعد، وكأن البشر دمى تحركها أنامل متكاسلة.

كدت أقع أكثر من مرة مصطدما بالتكاتك،أحيانا تغيب عني الرؤية، فأستند على أقرب جدار.

صدري يطبق على أنفاسي، يكاد يخنقها، الصراخ والعويل محبوسان، أحاول البكاء، لا أقدر،لا مفر من العودة حتى لا تدهسني الأقدام، أترنح في سيري، أستهلك الوقت الثقيل قبل معالجة باب الشقة، لا أدري كيف دلفت داخلها، استغرقني الوقت لأفيء إلى نفسي، ودون إرادة ملحة شغلت التلفاز:

أشباح مقاوم تقترب من دبابة ميركافا.

في السماء الشمس في طريقها للأفول.

الأشجار المحيطة تضفي على المشهد الرهبة، يلتحم المقاوم بالدبابة، يثبت صاروخا فوق سطحها بكلتا يديه، ينسحب.

لم تمض دقيقة وتنفجر الدبابة، تتسامق تكبيراته.

تمت بحمد الله

التعليقات مغلقة.