رمز الثورة …د.أحمد دبيان
رمز الثورة …د.أحمد دبيان
رغم أن خطاب السيد الرئيس فى الذكرى الثامنة والستين لثورة يوليو جاء متوازنا الى حد كبير الا ان الاصرار على اقحام محمد نجيب كرمز للثورة يخالف الى حد كبير واقع وحركة التاريخ .
لا يدرى الكثيرون ما معنى رمز الثورة وما دوره مع وجود قائد الثورة الذى إعترف السيد الرئيس أنه الزعيم جمال عبد الناصر وهل هو محاولة لتلميع تاريخى آخر كما حدث مع سعد زغلول الدافع للمهادنة مع الانجليز والمؤيد لمد امتياز قناة السويس ، فيما همش ونحى دور القائد الحقيقى لثورة ١٩١٩ الزعيم عبد الرحمن بك فهمى .
فى ذكرى مرور مائتى عام على الحملة الفرنسية على مصر، كلفت الحكومة الفرنسية الكاتب والمؤرخ الفرنسى “روبير سوليه “بتأليف كتاب عن العلاقات المصرية الفرنسية خلال الفترة ما بين القرنين السادس عشر والعشرين، وقد صدر الكتاب بعنوان “مصر: ولع فرنسى”.
فى عام ١٩٩٩ ترجم الأستاذ لطيف فرج الكتاب للغة العربية، وصدر الكتاب ضمن سلسلة كتب مهرجان القراءة للجميع، جاء فى صفحة ٣١٢ من الطبعة العربية، يروى الكاتب تفاصيل مفاوضات الحكومة الفرنسية مع الرئيس محمد نجيب عبر ضابط مخابرات فرنسي اسمه “جاك بييت “حضر لمصر سراً،عقب تأميم الرئيس عبد الناصر لشركة قناة السويس، موفداً من رئيس الوزراء الفرنسي “جى موليه” للتفاوض مع محمد نجيب على الحلول محل جمال عبد الناصر، وتشكيل حكومة وحدة وطنية لا تعادى الغرب، وتهيئ الرأى العام لإجراء مفاوضات للسلام مع الإسرائيليين، وحسب شهادة جاك بييت، وافق نجيب على تلك المقترحات، ولكنه اشترط موافقة البريطانيين أيضاً على توليه الحكم بعد الإطاحة بجمال عبد الناصر وهو ما يتوافق مع تغيير التعامل مع محمد نجيب ابان العداون الثلاثى عام ١٩٥٦ حين تم نقلة الى الصعيد طول مدة الحرب وكان من الممكن وقتها تأمين اللقاء فى السودان فى النيل الازرق وعلى بعد ثلاث ساعات من الخرطوم حسب الكتاب.
كان هذا مشهد النهاية للجنرال محمد نجيب وما اشبهه بما فعله الجنرال فيليب بيتان فى فرنسا فى محاولة لتأسيس حكومة فيشى مصرية قوامها نجيب والاخوان المسلمين .
لم تكن أبدا هذه هى السابقة الاولى لنجيب ، والذى دعمه الضباط الأحرار فى انتخابات نادى الضباط وعينه مجلس قيادة الثورة رئيسا معينا لا منتخبا بعد اعلان الجمهورية لتسكره خمر السلطة ويضيق بوجود الزعيم والقائد الحقيقى للثورة رئيس الوزراء وقتها جمال عبد الناصر والذى كان يحكم فعليا وقتها كرئيس للوزراء وفقا لدستور ١٩٢٣ فكان منصب الرئيس شرفيا لا يحكم وحسب الدستور فما كان منه الا ان تعاون مع الاخوان المسلمين وكان على اتصال وتنسيق كامل معهم فى تنظيم ١٩٥٤ وكان على علم كامل ايضا بخطة اغتيال رئيس الوزراء جمال عبد الناصر فى المنشية كما ورد فى كتاب لعبة الشيطان
Devil’s Game
لروبرت درايفوس
وما كانت دعاويه بالديمقراطية فى أزمة مارس ١٩٥٤ الا مناورة بالتنسيق مع الاخوان تحت شعارات عودة الجيش للثكنات ليحكم هو مدعوما بتنظيم الاخوان المسلمين فى سيناريو مبكر لصعود محمد مرسى لكرسى الرئاسة وهو ما تحقق فى السودان لاحقا بصعود عمر البشير وحكم الاخوان المسلمين من خلاله فى السودان .
كانت ثورة ٢٣ يوليو كريمة مع محمد نجيب وكعادتها لم تكن ابدا دموية .
وكعادة القائد الزعيم جمال عبد الناصر كان نبيلا حين اكتفى بتحديد اقامته فى فيلا زينب الوكيل بدلا من احالته للمحاكمة واعدامه بتهمة الخيانة العظمى وقت الحرب .
وتظل ثورة ٢٣ يوليو ثورة شعب يبقى رمزها وقائدها دائما وأبدا هو الزعيم خالد الذكر جمال عبد الناصر.
التعليقات مغلقة.