روزيتا بقلم دعاء أحمد شكري
بالغ فى تشويه جسده الذى أصبح كحقل تجارب، نذر نفسه للعلم فتحمل قسوة ألم ذاته، ولم يتحمل أن يؤلم حتى فأر التجارب.
لم يذهب عناؤه هباء، أصبحت تركيبته العطرية تسكن ألم الجروح تمامًا لكن بمظهر مشوه، ومازال يجتهد حتى يحقق بمصله الشفاء التام.
كعادته خرج من معمله إلى سطح فيلته فجراً ليناجى الله متأملا ملكوته، داعياً:
-(اللهم زدنى علما نافعًا).
انبسطت يده للدعاء فوقعت زهرة تبدو ذابلة قليلًا، عليها رذاذ قطرات ندى يضئ ويطفئ، تنبض ببطء بين الفوت والموت.
أسرع بتحليلها فوجد المادة التى بها ستكتمل تركيبته.. فقال منشرح الصدر : -(سبحانه وحده يعلم عجائب كونه الخفية، ولا يحيط أحد بشئ من علمه إلا بما شاء ).
بعد أن قام برعايتها وقام بمد البذور برحيق الزهرة النادرة، لم يتبق من جهده إﻻ ضغطة على زر الضوء المجاور له، غلبه التعب فراح النوم يكافئه.. بعد ساعة داعب حواسه عطر منعش ونغمات هادئة، فتح عينيه رأى طيفاً “لراقصة بروتة”.. فتح الزر الضوئى، أنقطع الضوء الساحر بغتة ظن أنه يحلم.. تكررنفس الشئ،وفى أخر مرة كان مسترخياً رأى نفس الطيف، وكان فى بدء اكتماله، فتمهل حتى أفاق تماماً من نومه ولم يضغط المفتاح الكهربى فتأكد من حقيقة وجود ما رآه من رذاذت ضوئية ساحرة، مبهجة للروح تتفتح شيئا فشيئاً، إذ بها تكتمل فى شكل فتاة وردية جذابة تلف وتدور بنشوة كراقصة البروتة بعذوبة صوتها الهامس تغرد :
(روزيتاااااا. .ﻻا ﻻﻻااا الحياة روزيتا..بالخير روزيتا..بلمسة حبيبى روزيتا)
و تميل بوجهها نحو فارس فأحضنت عيناه عينيها..احتواها هامساً:
(لست خيالاً..).
تراقصا سويا يفرد ذراعها تارة، ويضمها تارة أخرى ومع كل ضمة ﻷنفاسهما؛ يتيقن من وجودها كما مع كل خطوة كانت تفك شفرات حكايتها حتى أخبرته بسر تحولها إلى زهرة بادرها مبتسما :
أتوجد الساحرات الشريرات أيضا فى عصر العولمة؟!! العصر الذى ﻻ يسمح وعيه للأساطير؟
ضحكت روزيتا وأجابته:
نعم حبيبى إنه عصر تحقيق اﻷساطير ذاته وفاقت حقائقه الخرافات.. أما عن الشر فلن تكون دنيا إذ خلت من الشر، و ما كانت “ساحرة مملكة الشر” أصابت كوكبنا بتعويذتها التى جعلت كل فتيات كوكبنا منذ وﻻدتهن حتى نضجهن داخل شرنقة زهرة وتتركهن للرياح ترمى بهن وكأن مصيرهن الموت، وقبل أن تنهار مملكة الخير..صممت بأيماني بالله وبعزيمتى القوية عن سابق الفتيات اللاتى استسلمن للموت، تشبثت بالدعاء بالحياة داخل شرنقتى وتلاقت أمالنا وحييت بين يديك.
اقترب فارس لها منتشياً:
-لم تخبرينى بعد، لِمً كنت تميلين نحو أنفاسى؟
-ﻷودعك، اليوم بعد اهتمامك بى وبمدك من رحيقى العديد من الزهور اكتمل مصل الحب أقصد مصل شفائك..فتمددت مملكتنا..مملكة الخير واﻵن بعد أن تضاءلت مملكة الشر آن اﻵوان بعو…… أسكتها بقبلة مجنونة اهتز لها الكون من حولهما..فصل نشوتهما الهاتف :
أنجدنى يا د.فارس ،السكين جرح زوجتى بعمق ، أنجدنى، أنا بفيلا سالم المجاورة لك .
بسرعة البرق على ضوء روزيتا الوردى جذب فارس ألة حادة ، وجرح نفسه بعمق أيضا فكتمت قبلة روزيتا صرخة ألمه.
راح يجرب تركيبته العطرية فاختفى الجرح واﻷلم فى لمح البصر اتجه نحو الباب..برشاقة روزيتا أعاقته قائلة:
-انتبه..المصل سريع المفعول معك وحدك ﻷن قبلتى غلغلت رحيقى بدمك لكن مع اﻷخرين .. قبل أن تنطفى لمعة عين فارس أنجدته روزيتا مكملة: -مهلاً حبيبى لا تقلق، سيتم الشفاء بعد عدة أيام من وضعه وهذا أفضل لك حتى ﻻ يكون فى تركيبتك شك ويحاصرك أعداء النجاح ويطاردوك كساحر، لكنه مصل شافٍ تماما بإذن الله .
وبثقة خطف قبلة سريعة فرحا مهرولاً نحو واجبه..
اشتهرفارس، أصبح نجما مضيئاً فى عالم الطب يشفى جروح الناس لكنه ظل عاجزاً عن محو أنين حنينه لروزيتا التى لزم عودتها لكوكبها، ولم ينس يوم ودعته برقصة فى ردهة السطح وراحت تتبخر بين يديه حتى أصبحت نجمة وردية مضيئة بالسماء تطل عليه كل فجر ليروى نداها ولو قليلا من ظمأ اشتياقه.
التعليقات مغلقة.