رُؤيا قصة قصيرة بقلم علي جبل.

رُؤيا قصة قصيرة بقلم علي جبل.

رأيت فيما يرى الحالِم: أن بيض العصافير -التي تسكن شجرة الكافور العتيقة أمام بيتنا- يفْقِس رجالا يحمِلون أعلاما، يَنطلِقون إلى السماء، يُخَيم عليهم الصَّمت، يَكسُوهم الحُزن. الرِّجال صَامِتون، والأعلام تُرَفْرِف في وقت واحد، وتتحدث بصوت عالٍ وكأنهم يُنادون على شيء ما. اندهش الرجال مِن حالِهم. إذ كيف للرايات أن تتحدث؟ وعلَىَ من تُنادي؟ ومِن خلفِ الظلام، وعلى مرمى البصر، ومع ضوء الفجر الذي يُطِل على الكون بِبَهاءه وجَلالِه، يَظهر نِسْرٌ ضخم كأنه مَلَك يملأ السماء بأجنحته يُلبي النداء . تنسل أشعة الشمس من خلف أجنحته رويدا رويدا، وكلما حرك أجنِحته زادت كمية الضوء المُنبَعِثة فَيَنْجَلي الصُبح بنوره ونَسِيمه أكثر فأكثر. وعلى يمين قرص الشمس التي مازالت تَبْزُغ رويدا رويدا ويظهر شُعاعها تدريجيا يملأ الدنيا بجهاتها الأربع . يبدأ النسر في وضع بيض كثير لا عدد له، سرعان ما يفقِس نسورا تكبُر وتكبُر إلى أن تصل إلى حجم النسر الكبير، يتجه كل منهم إلى رايته التي تزينت لاستقباله بألوان ثلاثه، تُحركها الرياح الخفيفة وكأنها ترقص طَربا وفرحا لاستقبال النسر العريس، الذي سُرعان ما يرتدي لون الراية الأبيض وكأنه قميص ليلة العرس، ثم يتشكل لونها الأحمر كرابطة عنق، ولونها الأسود كأنه بنطالا أنيقا، فتظهر الصورة النهائية للرايات على شكل رجال برؤوس نسور. يتقدمهم النسر الكبير الذي تَحرك في الناحية المضادة لقرص الشمس التي ظهرت بنورها وكأنها في حالة ولادة فريدة لرجال كالنسور، أو نسور كالرجال يتجهون ناحية الأرض. تَبِعوه جميعا وكأنهم ذاهبون لآداء مُهِمة مُحددة. تغير حال الرجال فجأة من صمت مُطبِق إلى حديثٍ مُدوٍ، ومن حالة الحزن إلى السعادة. تعجبتُ كثيرا مما رأيت ! كيف لبيض العصافير والنسور ان يُنتج رجالا؟!
وبدَت صفحة السماء مُمْتلئة برجالٍ يحملونَ رجالا برؤوس نسور. وسرعان ما تغير المشهد، وتبدلت الصورة، وتحولت الأدوار، وقامت الرجال أصحاب الرؤوس النِسْرية بحمل الرجال على أكتافِهم.

انتهت.