” زائر ”
هدى أبو العلا
شرد بعيدا وهو يحدث نفسه حديثا بلا صدى.
مهما نكتب..يظل دائما بأغوارنا الكثير، ربما أكبر من الحروف..وأعمق من الكلمات، يأتي أحياناً فى الوقت الضائع. الوقت الذى نشعر فيه بلاستقرار وفوات الفرص، وأنه ماعاد بالإمكان أفضل مما كان .
يزورنا هذا الزائر المجنون الذى يربكنا ويقلب لنا الأوزان، فيتنحى العقل مرغما .. ويفسح له المجال، يسكننا يعبث فى مشاعرنا، فيضئ الشموع ويقيم الأفراح. وأحيانا يملأ قلوبنا وجعاً وآهات وجمرات شوق لاتهدأ،و نتسائل لماذا هذا الشخص دون باقى البشر؟!
ولم يأتى فى هذا الوقت بعد انتصاف العمر وسفر الأمنيات.
غصة فى الحلق تحرمه النوم، لو استطاع أن يوصل إحساسه لها ، بماذا سوف يعدها ؟لم يبق فى مقدوره أن يقدم لها سوى هذا القلب المنهك المعذب من قسوة الحياة، حتى العمر المتبقى فى نتيجة الأيام هناك من يشاركها فيه .
أغلق عينيه متأوها كأنه أراد أن يغلق هذه الصفحة الوردية التى لونت حياته لكن بعد فوات الأوان .فتح عينيه على صوت صغيره وهو يسأله بضجر: بابا متى تحضر لى حقيبة جديدة ؟ كل يوم تقول لى غدا إن شاء الله؟!
لن أذهب إلى المدرسة وزملائى يسخرون من حقيبتي الممزقة وحذائى المرقع بالألوان.
نظر إلى حقيبة ابنه، ثم احتضنه بحنو قائلا: مثلنا يابنى تسخر منه حتى الأحلام.
حلوة