سائق التريلة بقلم صبحي زردق

سائق التريلة بقلم صبحي زردق

ركب التباع و بدأ سائق التريلة في التحرك ، فإذ به يسمع صوت و كأن إطار السيارة قد مر فوق حجر تهشم ، فنظر في المرآة ، فوجد الناس تهرول و تصرخ نحو الإطارات الخلفية .. توقف على الفور .. فإذ برجل قد رمى بنفسه تحت الإطارات، و ما سمعه كان صوت تهشم عظامه و ليس تهشم حجرا ..
جاءت الإسعاف ، و سلم السائق نفسه للشرطة بكل ثبات و لم يهرب ، ووضعت السيارة تحت الحراسة المشددة ..
جاء إخوة الرجل الذي رمى نفسه ، أخ و أختان ، قال الأخ للسائق مستغلا للموقف : لو أردت أن نتنازل عن المحضر فعلنا ، و لكن بشرط ، قال السائق ما هو ، قال الأخ :أن تدفع لنا دية مليون جنيها إذا مات ، أما إذا عاش و أصبح معوقا فسوف تدفع له معاش شهرى بقية حياته ، وسوف تتكفل بتكاليف تجهيز ابنة أختنا هذه للزواج ، و سوف تدفع جميع الإجارات المتأخرة على أختنا الثانية هذه ..
شعر السائق و كأنه قد سقط في بئر عميق ، و انتابه شعور بالظلم فظيع كاد يقتله .. فهو لم يقصد أبدا فعل ذلك ، و من أين يأتي بكل تلك الأموال المطلوبة فهو فقير .. إنه لكرب عظيم ..
و تأتي المفاجئة الغريبة حيث حدث ما لم يكن في الحسبان .. إنه النصر الذى وعد الله به كل مظلوم ..

دخل الرجل المكسور غرفة العمليات فلم يقبل جسمه التخدير ، شك الأطباء فى كونه يتعاطى المخدرات .. قاموا بعمل تحليل إدمان .. جاءت عدالة السماء .. وجدوا أنه كان تحت تأثير مخدر الهيروين .. قدموا ذلك للنيابة .. فكان دليلا قاطعا على إدانة الرجل المكسور … و في الوقت ذاته دليلا قاطعا على براءة السائق المسكين .. و بناء عليه تم إخلاء سبيل السائق دون دفع مليما واحدا..
و ما يزيد من الأمر استغرابا أن السائق قد علم فيما بعد ممن يعرفون ذلك الرجل المكسور أنه يمتهن حرفة رمي نفسه أمام السيارات افتراء على الناس كمصدر للرزق وكوسيلة للعيش و ذلك من خلال الحصول على بعض المال من صاحب السيارة في مقابل تركه دون عمل محضر له بالشرطة ..

و أخيرا .. قد خاب من حمل ظلما.
…………………………..
القصة حقيقية رواها لي السائق بطل القصة بنفسه .. بقلم د . صبحي زردق.