سابق عصره بقلم د.أحمد دبيان
سابق عصره بقلم د.أحمد دبيان
عندما ننعت أحدهم بأنه قد سبق عصره يجب ان يكون بالفعل سابقاً لعصره فى الرؤية بتوجهات إستراتيجية فاعلة قرأت المستقبل وعملت على وضع تكتيكات واستراتيجيات وصنع آليات للتماهى مع تلك الرؤى المستقبلية فى كافة المجالات الإقتصادية والسياسية والإجتماعية مع الحفاظ على حوار الجغرافيا الأزلى مع المحيط والصانع لحركة التاريخ وحتمه.
حين لا يفتأ المريدون فى وله التغييب على نعت رجل ما بسبقيته للرؤية واستشرافه للمستقبل ، يحق لنا أن نناقش الترديدات الببغائية التى يتم صياغتها كدوجما وكمسلمات تتهافت فيها قواعد الجبر والتفاضل والتكامل والديناميكا والميكانيكا لتنتحر عجزاً من فرط اللاقواعد التى ارست اللامنظومات لتنتهى بنا الى الفوضى التى لا زلنا نحياها.
حين بدأ السيد المؤمن عهده بمقولة انه يسير على خط عبد الناصر ، قولاً وليكون الفعل ممحاة للمنجز الثورى الإجتماعى الذى استفاد منه الملايين ولننتهى الى مجتمع النصف فى المائة مرة أخرى فنحن هنا نتحدث عن اداة تقويض للمنجز لا عن رجل دولة له رؤية اجتماعية تصوغ حركة المجتمع وتدفعه لتحقيق ما قد فات تحقيقه بالفعل الثورى.
وحين اطلق السيد المؤمن عقال الإسلام السياسى المنتهى تنظيمياً لتقويض المنجز الثورى بل ومساهماته مع وكالة الاستخبارات الأمريكية فى صنع تنظيم المجاهدين الذين اصبحوا لاحقاً تنظيم القاعدة و ليقتله عناصر من هذا الاسلام السياسى فنحن امام رجل يفتقد الحدس والرؤية بل ووضع نتائج الفرضيات الحركية ان كان يملكها من الأساس .
وحين اطلق عبارته المقامرة ٩٩،٩٪ من اوراق اللعبة أمريكية مقتدياً بالشاة وبالملك فيصل انتهى الامر الذى قامر به محتذياً بايقوناته الى الاطاحة بالشاه ومصرع الملك فيصل على يد ابن اخيه الذى ثأر لمقتل اخيه الذى قتله فيصل وخسارته للثورة الايرانية التى مدت لها مصر الثائرة بقيادة عبد الناصر يد العون فى اوج نيران حكم الشاه.
بل وانه وبافتقاده الرؤية الاستراتيجية وهو الذى لم يكمل دراساته العسكرية انتهى ان يجعل جيش مصر بيدقاً مرتزقاً فى لعبة استخبارات لحساب أمريكا و فرنسا فكانت عمليات نادى السفارى المشبوهة التى حول بها مصر وجيشها من قوة داعمة لحركات التحرر الى قوة استعمارية غاشمة تقوض الحراك الوطنى للدول الافريقية المستعمرة والتى تطمح الى الاستقلال الحقيقى ورفض التبعية فانتهينا الى خسارة عمقنا الافريقى وانتهينا الى تهديد امننا المائى وتقزيم جعلنا نحاول صد هجوم الوكلاء على محاور حدودنا الشمالية والجنوبية والغربية والشرقية .
وحين وضع نهج ان مصر فرعونية اسلامية فى مزيج لا يمتزج مع نقض عروبتها انتهينا الى تقزيم مهين بعد ان تكللت مصر العربية بالغار حين استطاعت بعروبتها ومساندتها لحركات التحرر الوطنى ان تسيطر على مضيق باب المندب بمعاونة قوى التحرر فى اليمن العربى بل وتم صنع انتصار اكتوبر بتنسيق كامل مع الجيش العربى السورى ومساهمات الجيش العراقى والليبى والجزائرى والكويتى فضلاً عن انها نجحت بزخمها ورصيدها الافريقى ان تقطع الدول الافريقية كلها ما عدا نظام بريتوريا العنصرى علاقاتها مع اسرائيل .
بل وانه حين وقع صلحاً منفرداً مع اسرائيل استعدنا به سيناء منزوعة السلاح ولتفقد القاهرة زخمها كعاصمة للعروبة ولقوى العالم الثالث ولتتمدد اسرائيل على كافة محاور الانحسار المصرى .
كانت رؤى السيد المؤمن قاصرة على كل المحاور ، وقد كان بيدقاً متطوعاً بلا ثمن فى الحرب الباردة مشاركاً فى تقويض الاتحاد السوفيتى دون اى مقابل وطنى لتغيير التحالفات اللهم الا عمولات السمسرة الشخصية من صفقات السلاح الغربى ، والتى تفتقدها صفقات السلاح السوفيتى صانع الانتصار بيد رجال صدقوا ما عاهدوا الله والذى لم يتورع من يسمونه بسابق عصره على تسليمه كاملاً لسبر تكنولوجياته للصديق الامريكى الذى القى باوراقه كلها فى جعبته واعداً الناس برخاء لم يتحقق ولننتهى لازمات اقتصادية طاحنة واليات ريعى لا نملك مقوماته تطحن تروسه الفقراء والطبقات الوسطى .
فضلاً عن افتقاده لاستشراف رؤية صعود الصين بل وعودة روسيا للساحة العالمية ولسوق السلاح مع بداية انحسار امريكا كقطب وحيد مهيمن كما روج ويظل المنتفعون من اتباعه يروجون.
التعليقات مغلقة.