موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

ساكن الطريق قصة قصيرة بقلم د. إبراهيم مصري النهر

302

ساكن الطريق قصة قصيرة بقلم د. إبراهيم مصري النهر


في طريق عودتي من العيادة ليلا، وجدته يشعل النار في حزمة حطب وضعها في حفرة أمامه، لهب النار يضيء المكان حوله، تتطاير بعض أعواد النار المشتعلة تتساقط على الطريق كأنها ثعابين تتلوى وماتلبث أن تختفي.
هالني المنظر فالليلة من الليالي قارصة البرد ورياحها عاتية، والسكون يخيم على المكان إلا من صوت طقطقة النار وهي تلتهم الهشيم، يبدو سواده على ضوء النار القابع خلفها؛ أشعث الشعر، رث الثياب، أسود البشرة، لا يشوب سواد وجهه إلا بريق بياض عينيه وأسنانه الكاز عليها وهو يرتعد ويكاد أن يحتضن النار، ويمسح بكلتا يديه بين الفينة والأخرى وجهه ويبتسم، يلوح بكلتا يديه وكأنه يتحدث مع أناس لا وجود لهم، ترددت كثيرا وأخذت قدمي تتنقل ما بين دواسة كابح السرعة ومزودها؛ قلبي يضغط على كابح السرعة وعقلي يضغط على مزودها، بعد صراع استغرق من الوقت دقائق، انتصر العقل ولكن ظل القلب يجلد النفس ويؤنبها، وصلت البيت وأنْستني فرحة أطفالي وترحيب زوجتي بعودتي ذلك المنظر المؤلم، وإن كان قد ظل محفورا في سويداء القلب، وهذا ما اتضح لي بعد خلوتي بنفسي، حيث ظلت صورته تنغص مضجعي وتؤرق جفوني، ولم يتسرب النوم إليها إلا بعدما قررت زيارته في ليلة الغد.

في الليلة التالية والتي لم تكن أقل من سابقتها في الصقيع إن لم تزد، لاحظت من على بعد نارا تكشح عباءة الليل الدامس -تقريبا في نفس المكان- وعندما اقتربت منها أكثر سمعت وهجها، ولمحت من خلف ألسنتها التي تلعق البرد المتراكم فوق ستارة الظلام نفس الوجه؛ الكاز على أسنانه تارة، والساخر بابتسامته تارة أخرى عندما تلتقي عيناي ببريق عينيه، أشرت له أن تعالى؛ لم يعرني اهتماما، أخرجت من حافظتي ورقة نقود ولوحت له بها؛ زادت ابتسامة سخريته ولامبالاته…

لم أجد مفرا من النزول في هذا الزمهرير، وأخذت معي كيسا من الخبز اشتريته له وبعضا من الطعام والشراب والفاكهة، ولم أنس أن آخذ معي بطانية له.
عندما اقتربت منه ولفحني دفء النار وبدت لي ملامحه أوضح؛ ابتسم ابتسامة جريح يتوجع وقال: أشكرك على إنسانيتك، فأنت إنسان لأنك تحس وتشعر بآلام غيرك وتتوجع لتوجعهم، لى أكثر من عامين لم يشعر بي أحد إلا القليل من أمثالك، وليتهم تركونني في حالي بل يطاردونني ويؤذونني ويجلدونني بسياط ألسنتهم؛ أراهم يتغامزون، أسمعهم يتلامزون: «مخه لاسع»…
وسالت دموعه تتلألأ على بشرته السوداء ….
تقهقرت من المشهد تعتريني حمرة الخجل!
بعدها بفترة ليست طويلة رأيته قبل غروب الشمس يمشي ويصنع بقدمه علامات في تراب الطريق على مسافات، أمعنت النظر فيه، لاحظ شخص كان برفقتي مدى تأثري وشفقتي به، سألني: أتعرف قصته؟
أجبته: لا.
استدرك قائلا: بعد أن أنهى دراسته الجامعية، لم ينتظر في طابور البطالة واشترى قاربا وامتهن مهنة الصيد، وكان بين أهله وجيرانه محبوبا، وأمينا، ومتزنا، وأنيقا، يخرج في الصباح الباكر، يبحر بقاربه ويلقي بشبكته وهو يغني ويجدف في عرض النهر.
وسكت هنيهة، وتنهد تنهيدة طويلة، ثم واصل حديثه:
في اليوم الموعود اصطحب زوجته وابنه الرضيع، وبعدما أوغلوا في قلب النهر؛ انحنت الزوجة لتغسل يدها اختل توازنها وسقطت هي ورضيعها، وغرقا أمام عينيه، ظل بعدها فترة صامتا صائما، ثم سكن هذا المكان منتظرا عودتهما!
-كم كانت صدمة قاسية غيرت تضاريس حياته، كان الله في عونه.
عزمت النية على المرور عليه والجلوس معه أواسيه لعل وعسى يرجع إلى صوابه، مررت عليه في مكانه المعتاد الخالي من البشر فلم أجده، مررت في اليوم التالي فلم أجده أيضا، مر أسبوع شديد البرودة والسكون ولم يظهر له أي أثر وكأنه فص ملح وذاب…..
لأقرأ على صفحات الفيسبوك في المساء؛ عثور مجموعة من الصيادين على جثة لشخص مجهول، وبعد ابلاغ الشرطة اتضح أنها جثة مفرغة الأعضاء بفعل فاعل، وأنها بعد التقصي؛ لساكن الطريق!!!!

التعليقات مغلقة.