ستعتادُ الغياب … شعر إبراهيم شافعي

ستعتادُ الغياب … شعر إبراهيم شافعي

ستعتادُ الغيابَ، لمَ الدموعُ؟
سيألفكَ التوحُّشُ والخضوعُ

مضيتَ إلىٰ السرابِ بغير زادٍ
فهل يغنيكَ – إن شئتَ – الرجوعُ؟

فكيفَ إذا اشتهيتَ الحبَّ تمضي
وراءَ الحلمِ لا يثنيكَ جوعُ؟

ترىٰ العشَّاقَ في كبدٍ نهارا
وليلًا لا يقاربهم هجوعُ

أيعجبكَ التنائيَ بعد قربٍ؟
وعينٌ لا تفارقها الدموعُ؟

أكنتَ تظنَّ أنَّ الحبَّ فرحٌ !
فغرَّتكَ المباهجُ والشموعُ !

فمن ألفَ الضفافَ يمت غريقا
وكم في الحربِ خانتك الدروعُ

بدأتَ الدربَ يا قلبي وحيدًا
وقد سبقتكَ للعشقِ الجموعُ

سلِ الدربَ المُعنَّىٰ عن حبيبٍ
وقد خدعتهُ في الليلِ السطوعُ

سلِ المجنونَ عن ليلىٰ قديما
وهل برأت بمهجتهِ القطوعُ؟

فما أغنىٰ عنِ الألمِ اتصالٌ
وما يجدي اشتهارُك والذيوعُ

فإنَّ العشقَ والعشَّاقَ دوحٌ
وإنَّ الأصلَ تحملهُ الفروعُ

وإن يبست فروعُ الحبِّ يومًا
فكانَ أحقَّ باللومِ الجذوعُ

سقاكَ العشقُ يا قلبي مرارًا
فهل ذهبَ الظما أو قلَّ جوعُ!!

فإن عرَفَ الهوى للذل طعمًا
فلا أهلا بما صنعَ الخنوعُ

عزيزُ النفسِ يأبىٰ كلَّ ضيم
ولا تحني صلابتَه الصدوعُ

فـ(رفقًا) بالفؤادَ إذا تهاوىٰ
فلن تدعَ السقوطَ لك الضلوعُ

فمن يرحل عنِ البلدِ الحرامِ
فقل لي بعدهُ أينَ الخشوعُ؟

فهل تهبُ الحجارةُ أيَّ فضل
وإن يكثر بساحتها الركوعُ

نحبُّ إذا وهبنا القلبَ طوعًا
ونأبىٰ أن يذللَنا الوقوعُ

تركتُ القلبَ يهوىٰ دون قيدٍ
شريطةَ لا يروِّضه النزوعُ

فكوني ساحتي الغنَّاءَ يوما
تكن مِلكا لأيديكِ الربوعُ

26-11-2022