سفينة نوح الأخيرة بقلم حنان العشماوي
وقف العجوز الطيب نوح يلقي نظرة على عمله وقد غمرت قلبه سعادة فاضت على وجهه
الآن فقط حان الأوان
ترددت الكلمات في صدره
سأغادر مخلفاً ورائي كل شيء لن تحمل سفينتي سوى الطيب الطاهر من الدنيا بدأ يرتب متاعه بالداخل
هنا سأضع اللحم المقدد إلى جوار الحبوب وهناك سيكون محل الفواكه والخضر وفي الركن الداكن سأضع المياه العذبة لتبقى باردة
كان يحدث نفسه دون أن يدرك أن هناك من يراقبه دون أن يشعر
إنهم بضع فئران رمادية صغيرة الحجم لا تكاد تُرى بين أعواد الغاب الطويلة
واستمر العجوز في نقل حاجياته من كل صنف فربما تطول الرحلة قبل أن يبلغ الهدف
فجأة سمع في الخلف أصوات تكسر أغصان جافة ملقاة على الأرض
التفت مذعوراً ليلمح خرزتين سوداويين بداخل جسداً صغيراً من فرو ٍ رملي اللون
إنه ثعلب جبلي صغير ، أقترب من الثعلب الذي ظل ثابتاً مكانه
نظر نوح اليه وبهدوء تمتم كي لا يفزع الكائن الصغير
اتراك تريد الرحيل يا صغيري للحظة تخيل انه جُن فقد تكلم الثعلب بلسان عربي واضح
الا تريد رفيقا في رحلتك لن اكلفك شيئا سوى القدر القليل من القديد الذي تحمله معك
نطق نوح وهو يتخيل انه في أحد أحلام يقظته
إنك ماكرٌ أيها الثعلب ولن يركب معي إلا كل طاهر طيب
رد الثعلب بثبات لم يخلق الله الا كل طاهر طيب
لكنكم معشر البشر اذيتمونا و دفعتم بنا للمكر والاحتيال للهرب من الاذي
إن رأيت صدقاً في كلامي فخذني معك من يدري لعلك تنقذ بي فصيل من خلق الله لم يرتكب ذنباً ابتسم له نوح و قال له اصعد ولكن عند أي تصرف خاطئ سألقي بك في الماء
أسرع الثعلب بالصعود ومعه وليفته
فجأة بدأت تخرج من بين أعواد الغاب فصائل مختلفة من الحيوانات ويتكرر الحوار وينتهي الامر بسماح العجوز الطيب نوح لهم بالصعود لقوة حجتهم
تلا الحيوانات الطيور من كل حدب وصوب حتى امتلأت السفينة على آخرها ولم يبق واقفاً بالخارج سوى العجوز الطيب نوح
الذي رأي أنه لم يبق له مكاناً بالداخل
فصاح بهم جميعاً
أيها الطيبين الطاهرين امتلأت السفينة بكم ولم يبق لي مكان بينكم سيروا بها على بركة الله ورحمته فهو لن يضيع الطاهرين من مخلوقاته
وسأبقى هنا كي أبني سفينة أخري ولعلي ألحق بكم وقتما يشاء ربي
من يدري
التعليقات مغلقة.