سكرين شوت
قراءة في مفهوم التجسس والتلصّص الوظيفي بقلم محمود حمدون

أحد أهم مزايا مواقع التواصل الاجتماعي , أنها أتاحت مساحات افتراضية للتعبير عن الآراء الشخصية لأصحابها , وطرح الرؤى والأفكار الجديدة أو نقد القائم منها, وكما أن للتقنية مزايا أهمها التواصل بين الناس وتجاوز المساحات الزمنية والمكانية , فإن لها أيضا مساوئ , فنسبة كبيرة من الصداقات التي تتم عبر هذه المواقع أو نشأت وتعمّقت خلالها ,هي أيضا افتراضية أي لم تخضع للممارسة والعلاقة الإنسانية العادية والمباشرة .

فالحقيقة أن التقارب اللحظي ” الآني ” من خلال تقنيات المعلومات والانترنت, لا يعني تقاربًا فعليًا بين البشر ” الصداقات ” و يزداد الأمر سوءًا , حين تجد من هؤلاء وأولئك من يكون عينًا عليك ,لا عونًا لك كما تتخيّل , فيصبح رقيبًا ملاصقًا لك كظلك أو أقرب من ذلك , وتصبح مهمته أسهل في سبر أغوارك ومعرفة ما تفكر فيه , وتقديمه لخصومك أو من يراهم من سادته على طبق من فضة , مغلّف بأغلفة برّاقة من المصلحة العامة والحرص على القيادات .

هنا تصبح كلمة الصداقة عبر التواصل الاجتماعي , فاقدة لمعناها , مفرّغة من مضمونها ,لذا ينبغي استبدالها بمصطلح آخر وأتصور أن لفظ الرفيق أفضل , فهو يعبر عن رفقة خلال موقف زمني أو مساحة مكانية أو غير ذلك , هي رفقة قائمة على غموض أكثر من الصراحة والوضوح . رفقة تقوم على مرافقتك عبر مواقع التواصل الاجتماعي, لضمان تسليمك بنظام تسليم المفتاح لخصومك ,أو الأجهزة الأمنية أو المتاجرة بك بثمن بخس لقاء رضاء الكبير أو استرضائه حفاظًا على مكانه أو سعيًا وراء منفعة أو النيل منك لمجرد تحطيمك ,
الصداقة العادية التقليدية , تُظهر لك الخسيس والنذل بسهولة , بمرور الوقت تعرفهم , لكن الصداقات عبر مواقع التواصل الاجتماعي وبخاصة “الفيس ” تجعلك كنافذة مفتوحة على مصراعيها , أو بالتعبير البلدي الشائع , لا تعرف من يترصّدك في الزوايا والمنعطفات ,يتصيّد لك كلمة هنا أو منشور هناك, فيُهرع ككلب وفيّ لطباعة نسخة مما نشرت ” سكرين شوت ” لإبراء ذمته , وللتأكيد على أنه لم يتجنّى على الصديق الناشر وأن ما طبعه هو عمل يديه .. لعنة الله على الظالمين.