سلامتك يا راسي
بـقلم أسـمـاء الـبـيـطـار
لما كنت صُغيرة كنت دايماً أسمع أبويا الله يرحمه يقول الكلمة دي
” سلامتك يا راسي “
كانت الدُنيا بالبلدي كده تتهد من حواليه و هو كل الأمور عنده
بسيطة و هتعدي !
مالكم معقدين كده ليه !
هونوها تهون .
فلان مريض .. إن شاء الله يقوم بالسلامة .
فلان مات .. الله يرحمه و يحسن إليه قادر ينزل ياخد واجب العزاء ما بيتأخرش مش قادر ما بينزلش .
عايش اليوم بيومه عُمره ما فكر في بكره .
عمره ما فكر في نعيم الدُنيا زي إنه يشيل أو يكوش على حاجة .
كل اللي نفسه فيه و نفسنا فيه بيجيبه .
عامل اللي عليه ليه و لينا و للي حواليه .
كنت ديماً بستغرب طبعه إن الدُنيا بكل ما فيها من وجع و ضغط و مشاكل و هو واخدها بكل اليُسر ده .
كنت بقول يمكن علشان شاف الموت بعنينه في 67 و 73
بس قولت كانت هتبقى فترة و تعدي .
بس دا طلع طبع .
لما كنت أكلمه عن حاجة أو أعمل حاجة فوق طاقتي كان ديماً يقولي
” أنتي غلبانه قوي ” كنت أزعل في نفسي
طيب يا بابا أنا بعمل خير .
يقولي بكره تفهمي .
عاوزه اقولكم إني بعد ما دخلت دايرة الحياة الحقيقية
اللي هي دايرة تانيه غير دايرتك .
كل خطوة كنت بخطيها كنت بتأكد إن أبويا صح في كل حاجة عملها .
إنه قفل على نفسه من الأول مش منعزل عن الدُنيا
لكن كل حاجة عنده قدر استطاعته .
ليه وش واحد في كل أمور حياته و رغم ذلك كان محبوب جداً جداً
من الأهل و من أصحابه في العمل رغم طباعه الحمئيه
كان لو أتأخر عن أصحابه يومين ييجي لحد البيت أصدقائه المسيحين قبل المسلمين يسألوا عنه و يطمنوا عليه .
و بأمانة اُسئل عنها كان همه البلد دي بيحبها فوق العادة و الوصف
كنت عنده قبل ما يموت بأسبوع .
و كان بيقولي إن ولادي يروحوا يشجعوا المنتخب في الأستاد .
دا غير أيام الأنتخابات و غيرها بما يخص البلد بالذات .
مش بحكي عن أبويا بس دا نوع من الناس اللي شوفتهم و عاشرتهم
عاشوا في الدُنيا بسلام مع نفسهم
و مع اللي حواليهم
و خرجوا منها بألف ألف سلام .
حقيقي الدُنيا مش مستاهله إنك تييجي على نفسك في أي حاجة
تؤذيها و تخرجها عن شعورها أو تنسيها إنها اتخلقت ليه .
كل شئ فيها مقدر و مكتوب بس إحنا نبقى راضيين عن يقين و اقتناع
بس كان ابويا يقولها كده ” سلامتك يا راسي ”
و عن نفسي أي موقف يعدي عليا بيهون بكلام أبويا المحفور جوايا و اللي حقيقي بيهون عليا الدُنيا كل الدنيا .
عيشوا فيها بسلام مع النفس فما أجمل السلام حين يعلو بالروح فوق كل صِعاب الدُنيا .
التعليقات مغلقة.