سنوات التيه الأربعينية د.أحمد دبيان
يحكى أن :
بأن التيه المكتوب على أولاد العم بأعمالهم ، ولأن الحسد والبغضاء دينهم الذى جبلوا عليه فكان لابد من تصدير التيه إلى الحجر الذى رفضه البناؤون والى أبناء الزوجة التى يزعمون أنها ظلت جارية.
الحكاية ليست جديدة ولأننا لا نقرأ تواريخنا ندور فى نفس الحلبة لنعيد خطايانا ونرتكبها فى إصرار القطار الذى لا يستطيع الخروج عن مسار قضبانه حتى ولو كان المسار نحو الحتف فى حتم استسلمنا ان يخطه لنا الآخرون .
جاء صلاح الدين بشرعية الكفاح ضد الفرنجة فكان أول من سطر كتاب التحرير ليخلف من استكانوا وركنوا الى الدعة وان حطين وأرسوف ( ثغرة عصرهم ) هى آخر الحروب ولننتهى الى انحسار متكرر فى نظرية الأمن القومى التاريخى بحتم الغزو داخل الوادى فكانت حملة حنه دوبرين .
ورغم انتصار الوادى وتحييده لعناصر الغزو ووسائله الا ان وهن الارادة ونظرية حطين آخر الحروب جعلت سابق عصره الأول السلطان الكامل ابن شقيق المناضل صلاح الدين يتنازل عن القدس رغم انتصار الوادى على حملة دوبرين ويسلمها الى الملك فريدريك أملاً فى سلام بارد او دافئ ترسيخاً واثباتاً لعبث اللامعقول والسلام الذى صار خياراً أخضراً أو أصفراً أو علقماً باسم الخيار الإستراتيجى .
ولأن ضريبة التنازل عن القوس الشرقى تظل الخيار الأفدح لنظرية أمن الوادى التاريخية انتهت مصر الأيوبية لغزو آخر من الداخل فى حملة لويس التاسع ولتنتهى بعدها الشرعية الأيوبية ودولتها وليتم بعماد الدم والنار ميلاد دولة المماليك والتى نجحت بتحرير القوس الشرقى من المغول والصليبيين أن تصنع شرعية حكمها ووجودها فى دستور حمايتها بتبنيها لنظرية الأمن القومى التاريخى للوادى والتى اكتشفها وصاغها الملك أحمس محرر مصر من الهكسوس ورسخها الملك تحتمس الثالث فى مجدو .
امس مرت ثلاث واربعون عاماً على الزيارة الاستسلامية التاريخية فى تكرار مدهش لما قام به الكامل قبلا بتسليم القوس الشرقى وبيت المقدس للغازى الغاصب وانكفاء الوادى مرة أخرى نحو ذاته بتخليه عن قوسه الشرقى تحت الزعم المراوغ بأن أكتوبر آخر الحروب وبأن مصر أولاً ، لننتهى بهذا الإنحسار بعد التخلى الطوعى عن ثوابت نظرية الأمن القومى التاريخى والدخول فى إجازة تاريخية إنحسارية من حتم الحغرافيا وضريبتها ولننتهى الى الغزو الحالى من الداخل ومعركة لا تزال رحاها تدور فى البوابة الشرقية رغم زعم آخر الحروب وكنتيجة مباشرة لبوابة شرقية منزوعة السلاح بعد التخلى عن القوس الشرقى بل والاعتراف بغاصبيه والمهادنة الأحادية معه ولننتهى الى هذا الإستنزاف الداخلى والانتحار والإلتهام الذاتيين فى معادلة شبه ثابتة عند تبنى الاجازات التاريخية من الدور والجغرافيا ومكانة الحتم التاريخى .
لازلنا نحيا التيه ،ولم تكن أكتوبر أبداً آخر الحروب.
التعليقات مغلقة.