سيكولوجية الثورات المصرية د.أحمد دبيان
سيكولوجية الثورات المصرية د.أحمد دبيان
تغلب السمه المميزة للثورات والحراكات المصرية انها وعلى مدار تاريخها تميزت فى فترات مدها بسلطة ابوية تحركها وتحميها وان هذه السلطة الأبوية لم تستطع تأطير نظام مؤسسى يحمى الثورة وحراكها السياسى والاجتماعى من معاول الثورة المضادة
وحين افتقدت الحراكات والثورات للسلطة الابوية تم انهيارها وبسرعة البرق ،
بداية الثورات الشعبية فى العصر الحديث كان استلهاما للثورة الفرنسية وكنتاج لاحتكاك مباشر بها فكانت ثورات المصريين بعد سحق ثورات القاهرة الاولى والثانية لعدم وجود قيادة واعية مركزية تستطيع حتى بعد فشل الخيار العسكرى لفارق القوة ان تصنع حرب عصابات مؤثرة فعليا ضد المستعمر
وبعد رحيل الحملة الفرنسية بحملة انجليزية تركية مشتركة تبلورت القوة الشعبية ولكن بلا قيادة مركزية ورغم الحراكات ضد الولاه انتهينا لمركزية تسليم السلطة لاجنبى البانى دون تبلور مركزية وطنية حاكمه تستطيع مواكبة الحدث والتطور ،
انتهينا بعدها لمركزية عرابى والثورة العرابية والتى نجحت نجاحا باهرا ولكن كان لبطئها فى خلع الخديوى وعزله هو ما ادى به لسحقها بالاستعانة بالاحتلال البريطانى فى استحضار حرفى وفعلى لسحق كومونة باريس ،
حتى مصطفى كامل وحراكه كان فعليا حراكا بالوكالة للخليفة التركى والخديوى الحاكم تحت احتلال والذى كان لا يملك الا ان يحيك مؤامرات القصور والحريم ولم يخرج تفكيره عن هذا دون صنع آلية فعلية للتحرير
وحتى ثورة ١٩١٩ وزعيمها الفعلى عبد الرحمن فهمى اتخذت رمزاً دون المستوى لم يكن على مستوى الحدث الثورى فاجهضت ثورة ١٩١٩ بالرضا بحكم تحت احتلال مع منح رشى برلمانية ودستورية ولم تحكم ثورة ١٩١٩ فعليا الا ستة اشهر وتمت الاطاحة برمزها بعد اغتيال السردار
حكم الوفد بعدها بزعماء لم يكونوا على مستوى الاحداث ولجأوا للمقايضات السياسية والتواءم والمواءمة بل والحكم فوق فوهات دبابات الانجليز
ولم يستطيعوا طوال وجودهم السياسى هم وغيرهم صياغة آلية تحرير
فعلية
…………
جاءت ثورة يوليو ١٩٥٢ بمركزية وسلطة ابوية وبرامج اتاحت الاستقلال الفعلى وطرد الاحتلال الانجليزى بل والاطاحة بالكومبرادور الاقطاعى والحاكم الشكلى تحت سلطة الاحتلال
واتاحت حراكات اجتماعية وصنعت مؤسسات رسخت لهذه الحراكات ولكن القصور البنيوى الاساسى فى
يوليو جاء فى عجزها عن صنع نظام سلطوى حاكم بذاته وعدم قدرتها على الحفاظ على منجزاتها وحمايتها شعبويا فتم اجهاضها من الداخل وباحد عناصرها الذى خلف صانعها ومؤسسها …
وبانى مصر الحديثة المستقلة
بعد اجهاض آخر الثورات ذات السلطة الأبوية فشلت حراكات ١٩٧٧ و٢٠١١ والمفتقدة ايضاً للمركزية وللسلطة الابوية وباختيارها رمزاً دون المستوى فى ٢٠١١ .فى صنع اى تغيير فعلى يقوض منجزات الثورة المضادة التى أجهضت ثورة التأسيس.
ما يميز الثورات ذات السلطة الابوية هو حمايتها للجماهير من الغرق فى حمامات دم ولكن نفس نقطة تميزها هذه هى لبنات تقويضها فهى لم تقضى على الاقطاع مثلا وحاولت تهذيبه ودمجه مجتمعيا فظل متربصاً الى ان عاد ليقوضها بالتحالف مع عناصر منها .
ثورات الجماهير عموماً تحتاج لعقود بل وقرون ليحدث التطور والنضج المجتمعى والفكرى والمؤسسى ولكنها فى رحلتها الزمنية تلك تدفع الجماهير الثمن حمامات من الدم .
وفى الحالة المصرية يأبى مجتمع النهر الا ان يرتكن بدعة الى من يجنبه ضريية الدم .
التعليقات مغلقة.