” شاعر الرسول “رؤية مدحت رحال
لله در عصابة نادمتهم
يوما بجلق في الزمان الأول
كلما خطر هذا البيت ببالي تذكرت مدرس اللغة العربية وانا طالب في المرحلة الثانوية وهو يترنم بهذا البيت طربا ،
لعلها اعجبته / جلق ،
ومن لا تعجبه جلق ؟
من هو صاحب / جلق هذه ؟
كل من درس الادب وعاقر الشعر يعرفه ،
من لا يعرف حسان بن ثابت ؟
شاعر الرسول بامتياز ،
منذ أن أمسك لسانه امام الرسول عليه الصلاة والسلام وقال :
والذي بعثك بالحق لأفرينهم بلساني فري الأديم ،
ولسانه يعمل في المشركين فري الأديم كما توعد ،
من هو حسان بن ثابت ؟
هو شاعر الرسول عليه الصلاة والسلام ،
وهو احب ألقابه إليه منذ أسلم ووضع لسانه في خدمة دعوة الإسلام ،
كان شاعر الخزرج في أيامها مع الأوس
وكان شاعر الغساسنة في ملكهم في جلق ،
كما كان النابغة الذبياني شاعر المناذرة في الحيرة ،
نستطيع أن نحدد سيرة ومسيرة حسان بن ثابت في مرحلتين ،
وكان في كل منهما هو الفارس المعلم ،
وأقصد فارس الشعر وسلاحه اللسان
وليس فارس الوغى وسلاحه السنان ،
وكأنما قُسِمت حياته قسمين ،
_ مرحلة حسان الجاهلية وامتدت ستين سنة
_ ومرحلة حسان الإسلام وامتدت الاخرى ستين سنة ،
فقد عمر حسان حتى ناهز المائة وعشرين سنة في اغلب الأقوال ،
نصفها في الجاهلية ونصفها في الإسلام ،
تميزت مسيرة حسان الشعرية في الجاهلية بصفتين :
_ فهو شاعر الخزرج في وقائعها مع الأوس ،
الإخوة الأعداء ،
ويقابله على الجانب الآخر الشاعر / قيس بن الخطيم ،
شاعر الأوس والناطق باسمها ،
_ وهو شاعر الغساسنة من آل جفنة ،
يكاد أن ينقطع إليهم في شعره ،
إلى الحد الذي جعلوا له عطية منتظمة .
ومن أشهر وأجمل ما قاله فيهم لاميته المشهورة :
لله در عصابة نادمتهم
يوما بجلق في الزمان الأول
أولاد جفنة حول قبر أبيهم
قبر ابن مارية الكريم المفضل
بيض الوجوه كريمة أحسابهم
شم الأنوف من الطراز الأول
يُغشٓون حتى ما تهر كلابهم
لا يسألون عن السواد المقبل
أما مسيرة حسان الإسلامية ،
فقد غلبت الصبغة الإسلامية على شعره لفظا ومعنى ،
وسلمت أساليبه من الحوشية والأخيلة البدوية ،
ولكنها لم تخل من جزالة اللفظ وفخامة المعنى في الفخر والحماسة والدفاع عن النبي عليه الصلاة والسلام ،
ومن قصائده المشهورة :
عفت ذات الأصابع فالجواء
إلى عذراء منزلها خلاء
ديار من بني الحسحاس قفر
تعفيها الروامس والسماء
فدع هذا ولكن مَن لِطَيف
يؤرقني إذا ذهب العِشاء
لشعثاء التي قد تيمته
فليس لقلبه منها شفاء
كأن سبيئة من بيت رأس
يكون مزاجها عسل وماء
على أنيابها أو طعم غض
من التفاح هصره اجتناء
عدمنا خيلنا إن لم تَرَوها
تثير النقع موعدها كداء
وجبريل أمين الروح فينا
وروح القدس ليس له كِفاء
_ منزلق حادثة الإفك
نتمنى وتمنى هو لو لم يقع فيه ،
كان احد الثلاثة الذين خاضوا فيه والذي تولى كِبره / عبد الله بن أُبي بن سلول ، رأس النفاق .
أدرك حسان عظيم قوله ، وندم على ذلك واعتذر ،
وقال يمدح عائشة رضي الله عنها :
حصان رزان ما تٓزِن بريبة
وتصبح غرثى من لحوم الغوافل
حليلة خير الناس دينا ومذهبا
نبي الهدى والمكرمات الفواضل
مهذبة قد طيب الله خيمها
وطهرها من كل سوء وباطل
وقد نهت عائشة رضي الله عنها أن يناله احد بسوء وقالت :
كان يدافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقد رثى حسان رسول الله عليه الصلاة والسلام وذرف عليه دموعا حارة :
مع المصطفى أرجو بذاك جواره
وفي نيل ذاك اليوم أسعى وأجهد ،
وكما كان حسان شاعر الخزرج وشاعر الغساسنة في الجاهلية ،
فقد أدت المنافسة بين قريش والأنصار ،
ثم بين اليمانية والقيسية في عهد بني أمية ،
إلى أن ينتصر حسان لقومه اليمانية ،
مما أدى إلى اختلاق القصائد على لسان حسان ،
ونسبوا إليه ما لم يقله ،
يعد حسان في نظر بعض المؤرخين أشعر أهل المدر في عصره ، وأشعر أهل اليمن قاطبة ،
وقد خلف ديوانا ضخما من الشعر ،
توفي حسان في اكثر الأقوال عن عمر يناهز المائة والعشرين عاما في عهد الإمام علي ،
ويرى آخرون أنه توفي في عهد معاوية ،
رضي الله عنه وعن سائر الصحابة أجمعين ،
غرثى : جَوعى
غرثى من لحوم الغوافل :
لا تأتي بغيبة .
اقتباس جميل من قوله تعالى :
( أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا )
التعليقات مغلقة.