(شبح) قصة قصيرة بقلم..علي جبل
في فجر ذلك اليوم، تسلل خلسة إلى بيتي، فأنكرتُه، رمقني بنظرة عدائية، فأوجستُه، همَمْتُ بالانقضاض عليه فاسْتَشعَرَ الهزيمة، هادَنَنِي، فهادنته، وعدني فصدَّقته. ثم أنظَرَني، فأنظرته، وعندما استقر حاله، واستطاب مقامه..انقضَّ على جيبي فأفرغه، وإلى بطني فأسْغَبَه. ظل على هذه الحالة عدة سنوات حتى استفحل أمره. ولمَّا اسْتَفَقتُ من سِحْر حديثه، وخِفةِ يديه، كانت قد تعاظمت ديوني، وزادت من فرط الحُزن شجوني. يُعَاوِدُ الظهور كل مرة، يَسْلُبُ مايريد ثم يختبئ. حاولت ردعه فلم أستطع. وفي ذات ليلة وبينما أجلس مسترخيا أفكر في أمره، أخذتني سِنَة من النوم، وإذ بِظِلِّهِ يتحرك أمامي فاغرا فاه وقد التهم قطعة من اليابسة بحجم جزيرة صغيرة حتى سَدت حلقه وكاد أن يختنق؛ فاتجه مسرعا إلى مجرى النهر وظلَّ يشرب إلى أن غاض الماء. ورَدَت الأبقار كي ترتوي فلم تجد ماء، علا خُوارُها، فأحدَثَتْ ضجيجا، قرر إسكاتها؛ فانقض على بقرة والتهمها، ثم أتْبَعها بثانية، وثالثة، حتى التهم بِضْع بقرات سِمانٍ ولم يَشبع! فزِع منه القطيع، ولى هاربا. فالتَفَتَ إلى يُمناه، فالتهمها، ثم إلى يُسراه، ذُهِلتُ من هول ما رأيت! فهل هناك مَن يأكل نفسه؟! ولماذا؟. ارتعدَت فرائصي لبعض الوقت، لكنني في النهاية تخلصتُ من خوفي، واستجمعت قواي؛ ثم قررت المواجهة. الآن أصبح ضعيفا.. اندفعت نحوه بقوة، امتطيت صهوة الظِلِ، أطبَقْتُ على عنُقه، وفي ذُروة الصراع، صرخ صرخة مدوية، فاستفقت- فَزِعا- على شبحٍ تتساقط قطرات الدم من بين أنيابه.
انتهت.
التعليقات مغلقة.