شخصيات في الإسلام أمير المسلمين يوسف بن تاشفي
رأينا في منشور : يوم الطين _ ١ ، ٢
الدور الذي لعبه يوسف بن تاشفين في الأندلس وعلاقته بملوك الطوائف فيها وخاصة / المعتمد بن عباد _ ملك إشبيلية .
واستيفاء للموضوع ،
رأيت أن أعرف القارىء الكريم بشخصية ابن تاشفين ، وكيف وصل إلى ان يكون أمير دولة المرابطين في المغرب .
وكمنهجي في تقديم الشخصيات ،
فإني أعَرٍف بها ولا أتقصى تاريخها .
قضت إرادة الله أن يتصدى للفرنجة في حياة الدولة الإسلامية رجلان ،
كل منهما اسمه يوسف
أحدهما في المشرق
والآخر في المغرب
في المشرق / يوسف بن أيوب
الملك الناصر صلاح الدين الأيوبي
حارب الصليبيين وانتصر عليهم وطردهم .
وبقي الشرق بخير بعيدا عن شرورهم أمدا طويلا إلى أن جاء الغزو الصليبي الثاني بعد سقوط الدولة العثمانية ،
واقتسم الصليبيون المشرق العربي ،
ووقف الجنرال اللنبي بحذائه على قبر صلاح الدين وقال :
ها نحن عدنا يا صلاح الدين .
وفي المغرب / يوسف بن تاشفين
حارب الصليبيين في الاندلس وانتصر عليهم ودحرهم داخل حدود قشتالة ،
وكان حظ الغرب أسوأ من حظ الشرق ،
فما لبث أن سقط الفردوس المفقود بأيدي الفرنجة وإلى الأبد .
وقصتنا اليوم مع / يوسف بن تاشفين .
هي ليست قصة تروى ، وإنما إضاءات للتعريف بهذه الشخصية ، فلا يكاد يعرفه إلا المختصون بالتاريخ وقليل غيرهم .
هو : أمير المسلمين / أبو يعقوب يوسف بن تاشفين ،
أول من لُقِب بهذا اللقب
من بطن الصحراء خرج
كان مجرد قائد عسكري تحت إمرة ابن عمه الأمير / أبي بكر بن عمر اللمتوني ،
فيما عرف بدولة المرابطين في المغرب
حفلت هذه الفترة بالتجارب التي صقلته وأهلته لتولي المسؤولية والقيام بأعباء السلطة ،
بعد أن ابتعد المرابطون عن موطنهم الصحراء ، فرضت الظروف الجديدة ان يكون للصحراء جندها وللحضرجنده .
قرر الأمير أبو بكر بن عمر أن يكرس نفسه للصحراء يفتح فيها ، وولى ابن عمه / يوسف بن تاشفين أمر الشمال من بلاد المغرب وأمده بقسم من الجيش ليواصل فتوحاته هناك .
استطاع ابن تاشفين أن يتغلب على خصومه وأن يفتح الأقاليم والمناطق المناوئة ، وأن يبسط سلطانه على المغرب الأوسط والجنوبي .
بنى مدينة / مراكش وجعلها عاصمة لدولته .
وقد تمكن ابن تاشفين من إنشاء ولاية إسلامية تمتد من مملكة بجاية شرقا إلى المحيط الاطلسي غربا ، ومن البحر المتوسط شمالا إلى السودان جنوبا ،
ولُقِب ب / أمير المسلمين
كانت الأوضاع في الأندلس في عهد ملوك الطوائف الذين قضوا على الدولة الأموية فيها تسير من سيء إلى أسوأ ،
واستقل كل أمير بإمارته ، وأصبحت ممالك ينافس بعضها بعضا ويقاتل بعضها بعضا ،
استغل النصارى هذا الوضع فقاموا بتوجيه ضربات متتالية للمسلمين ،
واستطاع / ألفونسو السادس أن يستولي على طليطلة وكثير من المدن والقرى كما بينا في المنشور / يوم الطين _ ٢
استنجد أهل الأندلس وأمراؤها بيوسف بن تاشفين،.
فاستجاب لهم وهب لنجدة المسلمين في الأندلس ،
وعبر إليها / العبور الأول ،
واتخذ من الجزيرة الخضراء التي كانت تحت إمرة / المعتمد بن عباد قاعدة له ومركزا لانطلاق قواته ،
استطاع ابن تاشفين حشد القوات الاندلسية لملوك الطوائف بالإضافة إلى قوات المرابطين التي عبرت إلى الاندلس ، والتقى بقوات الفرنجة بقيادة / ألفونسو السادس في معركة :
الزلاقة ١٠٨٦
وانتصر النسلمون في هذه المعركة ، وطاردوا فلول الفرنجة ، وجُرِح قائدهم ألفونسو جرحا بليغا في فخده ظل يعرج منه طوال حياته ،
وهكذا تمكن ابن تاشفين من إنقاذ الأندلس وطرد الفرنجة منها ،
عاد ابن تاشفين إلى المغرب بسبب وفاة ابنه وولي عهده / يعقوب ، بعد أن ترك حامية من المرابطين في الأندلس دعما لابن عباد وأهل الاندلس ،
وما لبث أن دب الخلاف من جديد بين أمراء الطوائف ،
وعادوا إلى ما كانوا عليه من فرقة ،
وانغمسوا في حياة اللهم والترف ،
مما شجع ألفونسوا على أن يعود إلى مهاجمة ممالك المسلمين بعد أن علم بعودة ابن تاشفين إلى المغرب
توجهت الوفود الاندلسية إلى ابن تاشفين تستنجد به مرة أخرى ، فلبى النداء ،
وكان هذا هو / العبور الثاني ،
تحرك الجيش الإسلامي وحاصر حصن / لييط واستولى عليه بعد أن انسحب منه ألفونسوا وخربه وأحرقه .
وعاد ابن تاشفين إلى المغرب بعد أن ترك في الأندلس قوة من أربعة آلاف مقاتل ،
ثم كان العبور الثالث لابن تاشفين دون طلب من أحد ، بعد ان رأى حال ملوك الطوائف وما هم عليه من ضياع وفرقة وتقاتل ،
واستطاع ابن تاشفين أن يستولي على بلاد ملوك الطوائف مملكة بعد الاخرى ،
وحرصا على الملك ، فقد استنجد المعتمد بن عباد بألفونسو عدوه على ابن تاشفين ، وكان الأحرى به أن يتفاهم معه ويدخل في طاعته ، ولكنها شهوة الملك .
وحاصر المرابطون إشبيلية آخر معاقل ابن عباد واستولَوا عليها
ووقع ابن عباد أسيرا .
وملك المرابطون ما بقي من بلاد الاندلس وانتهى عهد ملوك الطوائف ،
ولم يغغر ابن تاشفين للمعتمد بن عباد تحالفه مع الفرنجة ،
فأرسله إلى / اغمات في المغرب ، حيث بقي فيها سجينا إلى أن مات .
وعادت زوجته وبناته إلى حياة الذل والفاقة ،
بعد أن خاضت يوما في طين من المسك والعنبر وانواع العطور فيما سمي ب / يوم الطين ،
وتلك قصة اخرى عرضت لها سابقا في منشورين :
يوم الطين ١ ، ٢
وقد توفي ابن تاشفين عن عمر يقارب المائة عام .
تزامن وجود دولة المرابطين مع وجود خلافتين إسلاميتين :
_ الخلافة الفاطمية في مصر ،
ولم تكن العلاقة بينهما طيبة بسبب الخلاف المذهبي أولا ،
وللجوار بينهما ثانيا .
فقد كان الفاطمنيون يتدخلون في الشؤون الداخلية للمرابطين ،
مما جعل العلاقة بينهما تتسم بالتوتر وبالتوجس .
_ الخلافة العباسية في الشرق
وكانت علاقة المرابطين بها أقوى وأمتن ،
فكلاهما سني المذهب
كما أن المرابطين كانوا في مأمن منها لبعد المكان .
وتقرب ابن تاشفين منها ،
وسعى إلى نيل رضى الخليفة العباسي ،
ونقشوا اسمه على نقودهم
فبارك إمارة ابن تاشفين ،
وكان هذا بمثابة إضفاء الشرعية على دولتهم عند المسلمين .
رحم الله ابن تاشفين
وجزاه عن الإسلام والمسلمين
خير الحزاء
التعليقات مغلقة.