شخصيات من مصر ” 2 “
د. محمد مصطفى عبد النبى
أحمد عرابى ٣
ختمنا المقال السابق بفرض انجلترا وفرنسا وزيرين فى وزارة البارودى أحدهما انجليزى للمالية والآخر فرنسى للأشغال .
كانت هذه الذريعة معتمدة على ديون الانجليز والفرنسيون فى قناة السويس وطالبوا بضمان أموال رعاياهم ؛ خاصة أن كثير من المساهمين من الأوروبيين خارج مصر . وكان قبول نظارة محمد شريف باشا هذه التدخلات في شؤون مصر الداخلية سبباً لارغامه على الاستقالة . فى 2 فبراير 1882 م .
فتكونت حكومة جديدة برئاسة محمود سامي البارودي ، شغل عرابي فيها منصب ” ناظر الجهادية ” ونائب رئيس مجلس النظار . بعد خمسة أيام فقط تم إعلان الدستور . وأخذ أحمد عرابى وزير الجهادية فى ترميم القلاع والحصون على البحر المتوسط تحسباً لهجوم مرتقم من انجلترا وفرنسا .
لم يلبث أن نشب الخلاف بين الخديو ونظارة البارودي حول تنفيذ بعض الأحكام العسكرية ، فوجدت بريطانيا وفرنسا في هذا الخلاف المستعر بين الخديو ووزرائه فرصة للتدخل في شؤون البلاد ، فبعثت بأسطوليهما إلى شاطئ الإسكندرية بدعوى حماية الأجانب من العسكريين المصريين واعتبرت أن ترميم المصريين للقلاع عمل عدائى إرهابى تجاه المقيمين الأجانب .
فور رسو الأسطولان الإنجليزي والفرنسي فى مياه الإسكندرية أنذرت الدولتان الحكومة المصرية بتهديد واضح ، بضرورة إقالة الوزارة وإبعاد عرابى خارج مصر ، فقبل توفيق المذكرة وأقال الوزارة .
غير أن عرابي بقي في منصبه بعد أن أعلنت حامية الإسكندرية أنها لا تقبل بغير عرابي ناظرًا للجهادية ، فاضطر الخديوي إلى إبقائه في منصبه ، وتكليفه بحفظ الأمن في البلاد .
ثم ما لبثت أن تدهورت الأوضاع فى البلاد بعد انسحاب الأسطول الفرنسى إلى بورسعيد ، وحدوث مذبحة الإسكندرية فى 11 يونيو 1882 ، وكان سببها قيام مقيم مالطى من رعايا بريطانيا بالإسكندرية بقتل مكاري ( صاحب حمار نقل ) اختلفا على الأجرة ، فشب نزاع وسرعان ما تطورت تلك المشاجرة البسيطة إلى أحداث عنف من الأوروبيين يضربون السكندريين بالرصاص فى الشوارع ومن نوافذ البيوت ، فتصدى لهم السكندريون بالعصى الغليظة والفؤوس وخلافه ، فاسفرت هذه الصدامات عن مقتل حوالي خمسين أوروبى وأصابة أحد ضباط الأسطول البريطاني .
التعليقات مغلقة.